تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

الاثنين، 22 ديسمبر 2014

53- غزوة بدر الكبرى


53- غزوة بدر الكبرى
30 صفر 1436

تعد غزوة بدر الكبرى أول معركة في الإسلام قامت بين الحق والباطل؛ لذلك سميت يوم الفرقان، وكانت البداية حينما خرج المسلمون للقاء قافلة أبو سفيان ولم يكونوا خارجين للقتال، ولكن الله أراد لهم النصرة والعزة للإسلام واستئصال شوكة الكفر،

ولنكمل مابدأناه بالحديث :

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال :(لمَّا سمِع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأبي سفيانَ مُقبِلًا من الشَّامِ ندب المسلمين إليهم ، وقال : هذه عيرُ قريشٍ فيها أموالُهم ، فاخرجوا إليها لعلَّ اللهَ أن يُنفِلَكموها .

 فانتدب النَّاسُ ، فخفَّ بعضُهم وثقُل بعضُهم ، وذلك أنَّهم لم يظنُّوا أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَلقَى حربًا ،
 وكان أبو سفيانَ قد استنفر حين دنا من الحجازِ يتجسَّسُ الأخبارَ ، ويسألُ من لقي من الرُّكبانِ ، تخوُّفًا على أمرِ النَّاسِ ،
 حتَّى أصاب خبرًا من بعضِ الرُّكبانِ : أنَّ محمَّدًا قد استنفر أصحابَه لك ولعيرِك ، فحذِر عند ذلك ، فاستأجر ضمضمَ بنَ عمرٍو الغفاريَّ ، فبعثه إلى أهلِ مكَّةَ ، وأمره أن يأتيَ قريشًا فيستنفرَهم في أموالِهم ، ويخبرَهم أنَّ محمَّدًا قد عرض لها في أصحابِه ، فخرج ضمضمُ بنُ عمرٍو سريعًا إلى مكَّةَ ،

وخرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أصحابِه حتَّى بلغ واديًا يقال له : ذَفِرانُ ، فخرج منه حتَّى إذا كان ببعضِه نزل ،
وأتاه الخبرُ عن قريشٍ بمسيرِهم ليمنعوا عيرَهم فاستشار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النَّاسَ ، وأخبرهم عن قريشٍ ، فقام أبو بكرٍ ، رضِي اللهُ عنه ، فقال فأحسن ، ثمَّ قام عمرُ فقال فأحسن ، ثمَّ قام المقدادُ بنُ عمرٍو فقال : يا رسولَ اللهِ ، امضِ لما أمرك اللهُ به ، فنحن معك ، واللهِ لا نقولُ لك كما قالت بنو إسرائيلَ لموسَى : { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [ المائدة : 24 ] ولكن اذهبْ أنت وربُّك فقاتلا إنَّا معكما مقاتلون ، فوالَّذي بعثك بالحقِّ ، لو سِرتَ بنا إلى بَرْكِ الغَمادِ – يعني مدينةَ الحبشةِ – لجالدنا معك مَن دونَه حتَّى تبلُغَه ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خيرًا ، ودعا له بخيرٍ ،

 ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أشيروا عليَّ أيُّها النَّاسُ – وإنَّما يريدُ الأنصارَ – وذلك أنَّهم كانوا عددَ النَّاسِ ، وذلك أنَّهم حين بايعوه بالعَقبةِ قالوا : يا رسولَ اللهِ ، إنَّا برآءٌ من ذمامِك حتَّى تصلَ إلى دارِنا ، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذممِنا نمنعُك ممَّا نمنعُ منه أبناءَنا ونساءَنا ، فكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتخوَّفُ ألَّا تكونَ الأنصارُ ترَى عليها نصرتَه إلَّا ممَّن دهمه بالمدينة ، من عدوِّه ، وأن ليس عليهم أن يسيرَ بهم إلى عدوٍّ من بلادِهم ،

فلمَّا قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك ، قال له سعدُ بنُ معاذٍ : واللهِ لكأنَّك تريدُنا يا رسولَ اللهِ ؟ قال : أجل . قال : فقد آمنَّا بك ، وصدَّقناك ، وشهِدنا أنَّ ما جئت به هو الحقُّ ، وأعطيناك على ذلك عهودَنا ومواثيقَنا على السَّمعِ والطَّاعةِ ، فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أمرك اللهُ . فوالَّذي بعثك بالحقِّ ، إن استعرضتَ بنا هذا البحرّ فخضتَه لخضناه معك ، ما يتخلَّفُ منَّا رجلٌ واحدٌ ، وما نكرهُ أن تَلقَى بنا عدوَّنا غدًا ، إنَّا لصُبُرٌ في الحربِ ، صُدُقٌ عند اللِّقاءِ ، ولعلَّ اللهَ يريك منَّا ما تقرُّ به عينُك ، فسِرْ بنا على بركةِ اللهِ . فسُرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقولِ سعدٍ ، ونشَّطه ذلك ، ثمَّ قال : سيروا على بركةِ اللهِ وأبشروا ، فإنَّ اللهَ قد وعدني إحدَى الطَّائفتين ، واللهِ لكأنِّي الآن أنظرُ إلى مصارعِ القومِ)

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 2/103
خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]

ونكمل أحداث المعركة:
وفي ليلة المعركة وهي ليلة السابعة عشرة من رمضان ليلة الجمعة أصاب المسلمون نعاساً فناموا ،

فقال علي بن أبي طالب ري الله عنه :(ما كان فينا فارسٌ يومَ بدرٍ غيرُ المقدادِ ، ولقد رأيتُنا وما فينا إلا نائمٌ ، إلا رسولُ اللهِ تحت شجرةٍ ، يصلِّي ويبكي ، حتى أصبحَ)

الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3330 - خلاصة حكم المحدث: صحيح

فرأى المشركون المسلمون فهابوهم مما رأوا وهم قلة فترددوا بينهم وقال لهم أبو جهل بعدما سمع ما تناقله في صفوفه: والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأفسد على الناس رأيهم وحميت الحرب.
ففي صبيحة يوم الجمعة صفّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه صفوفاً متراصة ثم خرج من صفوف المشركين عُتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة بن ربيعة وإليكم الحديث:

 « عن عليٍّ ، قالَ : تقدَّمَ - يعني عُتبةَ بنَ ربيعةَ - وتبِعَهُ ابنُهُ وأخوهُ فَنادَى مَن يُبارزْ ؟ فانتدبَ لَهُ شبابٌ منَ الأنصارِ. فقالَ : مَن أنتُمْ ؟ فأخبروهُ فقالَ : لا حاجةَ لَنا فيكُم إنَّما أردنا بَني عمِّنا ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : قُم يا حمزةُ ، قُم يا عليُّ ، قُم يا عُبَيْدةَ بنَ الحارثِ. فأقبلَ حمزةُ إلى عُتبةَ ، وأقبَلتُ إلى شَيبةَ ، واختلفَ بينَ عُبَيْدَةَ والوليدِ ضربَتانِ فأثخَنَ كلُّ واحدٍ منهُما صاحبَهُ ، ثمَّ مِلنا علَى الوليدِ فقتَلناهُ ، واحتمَلنا عُبَيْدَةَ)
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2665-خلاصة حكم المحدث: صحيح »
 ثلاثة أمام ثلاثة.
يقول: فتعاون الصحابة الثلاثة رضي الله عنهم وأرضاهم فتقاتلوا مع المشركين ورجعوا إلى صفوفهم بعد أن قتلوهم،

وعند تسوية الصفوف تحدث أمور من المعاني الإيمانية التي يذكرها التاريخ وتكتبها كتب السنة لتبين لك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينفك ولم يخرج عن حالته صلى الله عليه وسلم الإيمانية، ولم يخرج أصحابه صلى الله عليه وسلم عن حالهم الإيماني،

بل عن حبهم للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- (وكأنهم يرون الجنة) ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عدَّلَ صفوفَ أصحابِه يومَ بدرٍ وفي يدِه قدحٌ يعدِّلُ به القومَ فمرَّ بسوادِ بنِ غَزيَّةَ حليفَ بني عدي بنِ النَّجارِ وهو مُسْتنتِلٌ من الصفِّ فطعن في بطنِه بالقدحِ وقال استوِ يا سوادُ فقال يا رسولَ اللهِ أوجَعْتَني وقد بعثك اللهُ بالحقِّ والعدلِ فأقِدْني قال فكشف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن بطنِه وقال استقِدْ قال فاعتنقَه فقبَّل بطنَه فقال ما حملكَ على هذا يا سوادُ قال يا رسولَ اللهِ حضَر ما ترى فأردتُ أن يكون آخرُ العهدِ بك أن يمَسَّ جلدي جلدَك فدعا له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بخيرٍ وقال له استوِ يا سوادُ)

الراوي: أشياخ من قوم حبان بن واسع المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 6/808-خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن إن شاء الله تعالى

، ودخل سواد بن غزية وقتل في هذه المعركة رضي الله عنه وأرضاه.
والتحم الصفين وكانت المعركة التي شهد لها التاريخ وذكرها القرآن الكريم، وقائدها الأعلى صلى الله عليه وسلم ينظر ويشاهد جنود الله تبارك وتعالى وفرسان الإسلام أهل الحق يقفون يحاربون يقاتلون بعزة وشراسة وشرف يدافعون عن دين الله تبارك وتعالى، يقاتلون من كفر بالله لإعلاء كلمة الله،

 ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ في هذا العريش الذي بناه له أصحابه رافعا يديه وخلفه أبو بكر الصديق وهو يقول:

 « لما كان يومُ بدرٍ ، نظر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المشركين وهم ألفٌ ، وأصحابُه ثلاثمائةٍ وتسعةَ عشرَ رجلًا . فاستقبل نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القبلةَ . ثم مدَّ يدَيه فجعل يهتف بربِّه ( اللهمَّ ! أَنجِزْ لي ما وعدتَني . اللهمَّ ! آتِ ما وعدتَني . اللهمَّ ! إن تهلِك هذه العصابةُ من أهلِ الإسلامِ لا تُعبدُ في الأرض ) فما زال يهتف بربِّه ، مادًّا يدَيه ، مستقبلَ القبلةِ ، حتى سقط رداؤُه عن منكبَيه . فأتاه أبو بكرٍ . فأخذ رداءَه فألقاه على منكبَيه . ثم التزمه من ورائِه . وقال : يا نبيَّ اللهِ ! كفاك مُناشدتُك ربَّك . فإنه سينجز لك ما وعدك .
 فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ : إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفَينَ [ 8 / الأنفال / 9 ] فأمدَّه اللهُ بالملائكة ِ. قال أبو زميلٍ : فحدَّثني ابنُ عباسٍ قال : بينما رجلٌ من المسلمين يومئذٍ يشتدُّ في أثر ِرجلٍ من المشركين أمامَه . إذ سمع ضربَةً بالسوطِ فوقَه . وصوتُ الفارسِ يقول : اقدُمْ حَيزومُ . فنظر إلى المشركِ أمامه فخرَّ مُستلقيًا . فنظر إليه فإذا هو قد خُطم أنفُه ، وشُقَّ وجهُه كضربةِ السوطِ . فاخضرَّ ذلك أجمعُ . فجاء الأنصاريُّ فحدَّثَ بذلك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فقال ( صدقت . ذلك مددٌ السماء الثالثةِ ) فقتلوا يومئذٍ سبعين . وأسَروا سبعين . قال أبو زميل :
 قال ابن عباسٍ : فلما أسروا الأسارى قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبي بكرٍ وعمرَ ( ما ترون في هؤلاء الأسارَى ؟ ) فقال أبو بكرٍ : يا نبيَّ اللهِ ! هم بنو العمِّ والعشيرة . أرى أن تأخذ منهم فديةً . فتكون لنا قوةً على الكفار . فعسى اللهُ أن يهديَهم للإسلام . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( ما ترى ؟ يا ابنَ الخطابِ ؟ ) قلتُ : لا . واللهِ ! ما أرى الذي رأى أبو بكرٍ . ولكني أرى أن تمكنّا فنضرب أعناقَهم . فتمكِّنُ عليًّا من عقيل فيضرب عنقَه . وتمكني من فلان ( نسيبًا لعمرَ ) فأضرب عنقَه . فإنَّ هؤلاءِ أئمةُ الكفرِ وصناديدُها .
فهوى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما قال أبو بكرٍ . ولم يهوَ ما قلتُ . فلما كان من الغدِ جئتُ فإذا رسولُ الله ِصلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأبو بكرٍ قاعدَين يبكيان . قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! أخبِرْني من أيِّ شيءٍ تبكي أنت وصاحبُك . فإن وجدتُ بكاءً بكيتُ . وإن لم أجدْ بكاءً تباكيت لبكائِكما .

 فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( أبكي للذي عرض على أصحابِك من أخذهم الفداءَ . لقد عُرض عليَّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرةِ ) ( شجرةٍ قريبةٍ من نبيِّ الله ِصلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ) 

وأنزل اللهُ عزّ وجلَّ : مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ . إلى قولِه : فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا [ 8 / الأنفال / 67 - 69 ] فأحل اللهُ الغنيمةَ لهم ).

الراوي: عبدالله بن عباس و عمر بن الخطاب المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1763-خلاصة حكم المحدث: صحيح

ثم قام صلى الله عليه وسلم  بعد أن أخذته سنةٌ من النوم فقال: ( أبشِر يا أبا بكرٍ أتاكَ نصرُ اللَّهِ ؛ هذا جِبريلُ آخذٌ بعَنانِ فرسِهِ يقودُهُ علَى ثَنايا النَّقعِ ! !) .
الراوي: عبدالله بن ثعلبة المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم: 227-خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يحض أصحابه وهو يقول: ﴿سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: 45]، وجاء إلى صفوف المسلمين يحرضهم ويشد من أزرهم صلى الله عليه وسلم ويعدهم بالجنة في سبيل الله تبارك وتعالى، وعندما اشتد الوطيس وتوالت الإمدادات الإلهية بجند من الله تبارك وتعالى بنزول جبريل والملائكة من السماء يقاتلون مع المؤمنين حتى أن المؤمنين كانوا يرونهم رأي العين،

 كما قال علي رضي الله عنه وأرضاه:( قد رأيتُنا يَومَ بدرٍ ونحنُ نَلوذُ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو أقرَبُنا إلى العدُوِّ وكان من أشَدِّ الناسِ يومَئِذٍ بأسًا)
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 2/64-خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.

ودارت الدائرة على أعداء الله ورسوله ومضى المسلمون الأبطال الأشاوس يأسرون من الكفّار ويقاتلون صناديد الكفر واحدا بعد الآخر حتى قتلوا منهم ما يزيد على سبعين منهم عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن ربيعة وابنه وأبيه في أول المعركة، وقتل في هذه المعركة أبو جهل الذي قتله معاذ ومعوّذ أبناء عفرة  ولنسمع لقصة قتلهما إياه:

عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: (بينا أنا واقفٌ في الصفِّ يومَ بدرٍ ، فنظرتُ عن يميني وعن شمالي ، فإذا أنا بغلامينِ من الأنصارِ ، حديثةٌ أسنانهما ، تمنيتُ أن أكونَ بين أضلعٍ منهما ، فغمزني أحدهما فقال : يا عمِّ هل تعرفُ أبا جهلٍ ؟ قلتُ : نعم ، ما حاجتكَ إليهِ يا ابنَ أخي ؟ قال : أُخْبِرْتُ أنَّهُ يَسُبُّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، والذي نفسي بيدِهِ ، لئن رأيتُهُ لا يُفارقُ سوادي سوادَهُ حتى يموتَ الأعجلُ مِنَّا ، فتعجبتُ لذلك ، فغمزني الآخرُ ، فقال لي مثلَها ، فلم أَنْشِبْ أن نظرتُ إلى أبي جهلٍ يجولُ في الناسِ ، قلتُ : ألا ، إنَّ هذا صاحبكما الذي سألتماني ، فابتدراهُ بسيفهما ، فضرباهُ حتى قتلاهُ ، ثم انصرفا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأخبراهُ ، فقال : أيكما قتلَهُ . قال كلُّ واحدٍ منهما : أنا قتلتُهُ ، فقال : هل مسحتما سيفيْكما ؟ قالا : لا ، فنظرَ في السيفيْنِ ، فقال : كلاكما قتلَهُ ، سلَبُهُ لمعاذِ بنِ عمرو بنِ الجموحِ . وكانا معاذَ بنَ عفراءَ ومعاذَ بنَ عمرو بنِ الجموحِ) .
الراوي: عبدالرحمن بن عوف المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3141-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

، ولكنه لم يمت من هذه الضربة فجاء إليه عبد الله بن مسعود وصعد على صدره فقال له أبو جهل عدو الله والحديث :
 عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:  (مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله فقلت يا عدو الله يا أبا جهل قد أخزى الله الأخر قال ولا أهابه عند ذلك فقال أبعد من رجل قتله قومه فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئا حتى سقط سيفه من يده فضربته به حتى برد)
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2709-خلاصة حكم المحدث: صحيح
  
، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم فألقي به في القليب مع بقية المشركين.
ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم إلى عريشه عند زوال الشمس في ذلك اليوم العظيم ورجعت فلول قريش إلى أماكنها منهزمين مدحورين أذلة صاغرين، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن القتلى في القليب، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رسلا يبشرونهم بوعد الله تبارك وتعالى، ويبشرونهم بما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم.

وحكم الله سبحانه في الغنائم فكانت للمؤمنين والمؤمنات كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال: 1].

وفي اليوم الثالث بعد أن انتهت المعركة رجع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى مكان المعركة فأخذ ينادي عليهم ( فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُلْقيهُم : هل وجدْتم ما وعدَكم ربُّكم حقًا ؟,قال موسى: قال نافعُ: قال عبدُ اللهِ: قال ناسٌ من أصحابِه: يا رسولَ اللهِ تنادي ناسًا أمواتًا! قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ما أنتم بأسمعَ لما قلتُ منهم).

الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4026-خلاصة حكم المحدث: [صحيح] »

فقال عمر: يا رسول الله تخاطب الجيف تخاطب أجساداً لا أرواح فيها؟ قال: والله أو قال «والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» فلما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومعه سبعون من الأسرى فرّقهم بين أصحابه صلى الله عليه وسلم وأوصاهم بهم خيراً حتى حكم الله سبحانه فيهم بالفداء ومنّ على بعضهم لكونهم فقراء، وعلى بعضهم ليعلموا المسلمين القراءة والكتابة، وذلك ليستفيد مما عندهم من العلم ،

 وقد استشهد في هذه المعركة العظيمة أربعة عشر رجلاً ستة من المهاجرين وستة من الخزرج واثنان من الأوس وانتهت هذه المعركة التاريخية العظيمة مخلفة خلفها مجد هذه الأمة العظيمة.

ونقف هنا للفوائد
النور اليقين في سيرة سيد المرسلين- بتصرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق