تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

فقه..ولماذا اختلفوا؟؟؟؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله نحمده ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد،


وبعد:
قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم





كلُّنا يبدأ في هذا الأمر بحيرة، أين يذهب وإلى مَن ينتمي؟ ما هو الصَّواب وما هو الخطأ؟ لِماذا اختلفوا؟ ولِماذا لم يتَّفقوا؟ لِماذا هذه الفرقة والبغْضاء؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟

فهذه قصَّة رحلة، رحلة من رحلات البحْث عن الحقِّ أوردتُها لما فيها من العبر، فلنستمِع.

البداية


البداية في بيت صغير، أو بيت من بيوت الله - عزَّ وجلَّ - جالس يسمع الخطيب، يُنْصِت بِخشوع وقد بدا له للمرَّة الأولى أنَّ هذا الكلام جديد.




ليست أوَّل مرَّة يسمع موعظة، لكنَّها المرَّة الأولى التي يُنصت فيها بقلبه للموعظة: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37].





شعر بتلك الهزَّة الداخليَّة الَّتي أعقبتْها لذَّة خفيَّة، عاد يشعر بالحيرة والتضارُب ويتعجَّب من حاله ومآله، ثمَّ أعقب ذلك تلك النَّشوة والانشراح والإقبال على الحق والسنَّة.





فبعد تلك الجلسة، سار ينهب الطَّريق نهبًا يتلمَّس الضَّوء الحق، فأخرجه الله من الظلمات إلى النور، ماذا حدث له؟ كذا تساءلوا وضربوا الكفَّ بالكفّ!





لقد صار فجأة يهتمُّ قبل الهم بمعرفة ما يهم به: أحلال هو أم حرام؟ أسنَّة هو أم خلاف السنَّة؟

في البداية كانت الكتيبات مبسَّطة، والخلاف يكاد يكون معدومًا، والأمور في متناول اليد.

ثمَّ ..ثمَّ ..ماذا حدث؟



عندما سمع أول خلاف:



سمع أنَّ هناك خلافًا فقهيًّا، تردَّد قليلاً ثمَّ اقتحم الأمر، لم يكُن جديدًا أن يعرف أنَّ هناك أربعة مذاهب كبرى، لكِن كما قلنا من قبل كان يسمع والآن ينصت.




فقطَّب وجهه أيَّامًا يدور في غرفته كليث حبيس، أيَّ المذاهب أتّبع؟ ولماذا اختلفوا؟ لماذا؟ ظلَّ زمانًا يسأل هذا السؤال.



بل سأل شيْخَه ومعلِّمَه يومًا في سذاجة: لماذا اختلفوا؟ لماذا لم يجلسوا معًا(أي الأئمَّة) ليتَّفقوا؟

فنظر إليْه شيخه متعجِّبًا من هذا السؤال،



الَّذي لا أظنُّ غيره طرحه قبله ولا بعده، وقال: يا بُني، قد اجتمع منهم مَن اجتمع وتناظروا فاتَّفقوا في أمور، وتمسَّك بعضُهم بالحقِّ الذي بدا له في أمور أُخر، فلا يلام[1] أحدُهُم،


وقد قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا حكم الحاكم فاجْتهد ثمَّ أصاب فله أجرانِ، وإذا حكم فاجتهد ثمَّ أخْطأ فله أجر))؛ صحيح البخاري،(أ)


وكلُّهم كانوا أهلاً للاجتِهاد، وليس أحدٌ معصومًا إلاَّ الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.




فنظر له يائسًا وقال: ولماذا اختلفوا؟



قال:قد اختلفوا لأسبابٍ كثيرة، فقد يصحّ الحديث عند إمام ولا يصحُّ عند الآخر، بل قد يصل الحديث لإمامٍ ولا يصل للآخر، وقد يرى الإمام في الدَّليل معنًى لا يراه الآخر، وقد يتعلَّم أحدهم أثرًا عن الصَّحابة يحسم عنده المسألة، ولا تصل لغيره فلا تنحسم عنده.




تنهَّد في إحباط، وقال: وماذا أفعل؟


قال: عليك بما أُمِروا هم أنفسهم به من اتِّباع المعصوم - صلَّى الله عليْه وسلَّم -



قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى: 10]،



وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]،


وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59].




فهؤلاء الأئمَّة لم يكن بينهم عداوة كما تظهر في بعض كتُب المتأخِّرين، أو بين بعْض متعصِّبي المذاهب؛ لأنَّ مصدرهم واحد، وهو اتِّباع الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أمَّا أَتباع المذاهب فكلُّ مجموعةٍ متعصِّبة للإمام؛ فهذا إمامه مالك، وهذا إمامُه الشافعي .. إلخ، فاختلف المتبوع فصارت الضَّغائن، ولو علِموا أنَّ هؤلاء الأئمَّة العظماء أنفُسهم لا يقبلون منهم إلاَّ اتِّباع النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّهم يبْرؤون إلى الله - تعالى - ممَّا يفعل هؤلاء الجهَّال المتعصِّبون، لربَّما كفُّوا عن تعصُّبهم الشائن.

وانظر إلى بديع نظم ابن القيم - رحمه الله تعالى -:


ال
عِلْمُ قَالَ اللَّهُ قَالَ رَسُولُهُ قَالَ الصَّحَابَةُ لَيْسَ ذُو بُطْلانِ
مَا العِلْمُ نَصْبُكَ لِلخِلافِ سَفَاهَةً بَيْنَ الرَّسُولِ وَبَيْنَ رَأْيِ فُلانِ
[2]




ولهذا اجتمع الأئمَّة كلّهم على أنَّ مَن استبانت له سنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَم يكن له أن يدَعَها لقول أحدٍ كائنًا مَن كان، وأقوالهم متواطِئة على هذا الأصْل الأصيل[3]،



وهذا الأصل في مسائل الاعتِقاد والفقه سواء بسواء، فالعلماء واسطة بيْننا وبين الحقِّ، يشرحون ما خفِي ويبيِّنون ما دقَّ، ولكنَّهم ليسوا أحقَّ بالاتباع من النَّبي الأمّي الموصول بالوحْي من ربِّه تعالى، صلَّى الله عليْه وعلى آله وصحْبِه وسلَّم.

قال وقد بدأ وجهه يشرِق: بارك الله فيك؛ علَّمْتَني أصلاً، فإذا رأيت الخلاف بحثت عن أقرب الأقوال إلى سنَّة الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأخذت به وعمِلْتُ به غيرَ متَّبع لهوى نفس، ولا لقول شخصٍ سواه.





رفَع الشَّيخ إصبعه محذرًا وقال: واحذر انتِقاص أي عالم؛ فإنَّهم جميعًا مأْجورون - إن شاء الله - على أيِّ حال، سواء أخطأ أو أصاب، ولم تكن أنت ليبلغك ذلك العلم والفهْم لولا أن قيَّضهم الله لنا جميعًا.


جَزَى اللَّهُ بِالخَيْرَاتِ عَنَّا أَئِمَّةً لَنَا *** نَقَلُوا القُرْآنَ عَذْبًا وَسَلْسَلا
[4]




الصدمة الأولى:
!!!!!!!


يتبــــ بإذذن الله ــــع



منقول

ملتقى أخوات أهل السنة والجماعة


ليست هناك تعليقات: