تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

السبت، 27 مارس 2021

الجنــة ماذا أعددت لها؟

الجنــة ماذا أعددت لها؟

الجنــــة


 ﴿سابِقوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السَّماءِ وَالأَرضِ أُعِدَّت لِلَّذينَ آمَنوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾ [الحديد: ٢١] . : ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ [آل عمران: ١٣٣]

 

🍃قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لهمْ مِن قُرَّةِ أعْيُنٍ}[السجدة: 17]).🍃

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4779 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (4779)، ومسلم (2824)

الشرح : مِن المبَشِّرَاتِ ما كان يذْكُرُه النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأُمَّتِه مِن نَعيمِ الجنَّةِ وما أعدَّه اللهُ للصَّالحينَ منهم، وفي هذا تَثبيتٌ لأُمَّتِه إذا عرفوا ما سيَجِدونه عندَ الله مِن الرَّحمَةِ والكَرَامَة لِمَن خاف اللهَ واتَّقاهَ وعَمِل الصالحاتِ.

وهذا الحَديثُ هو مِن الأحاديثِ القُدُسيَّةِ التي يَرويها النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ عن رَبِّ العزَّةِ تَبارَك وتعالَى،

وفيه يقولُ: "قال اللهُ تبارَك وتعالى: أعدَدْتُ"، أي: خلقْتُ وهيَّأْتُ في الجنَّةِ "لعبادِي الصَّالحينَ"، أي: للعبادِ الذي يَعلمون الصَّالحاتِ، ويَسْعَون في الخيرِ،

 والإضافَةُ في قوله: لعبادِي؛ للتشريفِ، أي: المخلصِينَ منهم بتِلك الأعمالِ، "ما لا عينٌ رأتْ ولا أُذنٌ سَمِعَت"، أي: ما لم تَرَه عيْنٌ ولم تسمعْ به وبوصْفِه أُذنٌ في الدُّنيا، وتَنكيرُ "عيْن" و"أُذُن" في سِياقِ النَّفيِ يُفيدُ الشُّمولَ، أي: يكونُ في الجنَّةِ ما لم تَرَه أيُّ عيْنٍ مِن الأعيُنِ، ولم تسمَعْ به وبِوصفِه أيُّ أُذنٍ مِن الآذَانِ، "ولا خَطَر على قلب بشَرٍ"، أي: ولم يَمُرَّ على عقل أحدٍ ما يشبِهُه أو يتصوَّرُه من النَّعيمِ،

 فكلُّ شيءٍ تخيَّله عقلٌ أو قلبٌ من نعيمِ الجنَّةِ؛ ففِيها أفضلُ مما تخيَّله،

قال أبو هريرة: "اقرءوا إن شِئْتُم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] أي: وهذا مِصدَاقُ ما قاله من كتاب الله الذي أخبَر أنه لا يعلم أحدٌ ولا يتصوَّرُ ما خبَّأه اللهُ عن النَّاسِ من النَّعيمِ الذي تقَرُّ به العينُ، أي: تهدأُ وتسعَدُ وتفرَحُ به يوم القيامةِ عند الله تعالى.(الدرر السنية )

بماذا نالوا تلك الدرجات العلا؟؟

الجنة هي دار الكرامة ، الداخل فيها ينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، وفيها أعدَّ الله لعباده الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

فحيَّا على جنات عدن فإنها 🏕 منازلنا الأولى وفيها المخيّم

وقد اختص الله سبحانه هذه الدار بأوليائه ، ينعمون فيها بأصناف الملذات ، فما يشتهي أحدهم شيئاً إلا جاءه ،

قال تعالى : { ﴿يُطافُ عَلَيهِم بِصِحافٍ مِن ذَهَبٍ وَأَكوابٍ وَفيها ما تَشتَهيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعيُنُ وَأَنتُم فيها خالِدونَ﴾ [الزخرف: ٧١] } .

ومن أعظم نِعَم تلك الدار ما كتب الله لأهلها من الخلود الأبدي فيها ، فلا يخافون موتاً أو فناءً ، قال تعالى :  ﴿يُبَشِّرُهُم رَبُّهُم بِرَحمَةٍ مِنهُ وَرِضوانٍ وَجَنّاتٍ لَهُم فيها نَعيمٌ مُقيمٌ﴾ [التوبة: ٢١]

ومن أعظم ما ينال أهل الجنة من النعيم أن يحلَّ الله عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم أبدا ،

قال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالَى يقولُ لأهْلِ الجَنَّةِ: يا أهْلَ الجَنَّةِ؟ فيَقولونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنا وسَعْدَيْكَ، فيَقولُ: هلْ رَضِيتُمْ؟ فيَقولونَ: وما لنا لا نَرْضَى وقدْ أعْطَيْتَنا ما لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِن خَلْقِكَ، فيَقولُ: أنا أُعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِن ذلكَ، قالوا: يا رَبِّ، وأَيُّ شيءٍ أفْضَلُ مِن ذلكَ؟ فيَقولُ: أُحِلُّ علَيْكُم رِضْوانِي، فلا أسْخَطُ علَيْكُم بَعْدَهُ أبَدًا.)

الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

الصفحة أو الرقم: 6549 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

 وأعظم نعمة في الجنة على الإطلاق هي رؤية وجهه الكريم سبحانه وتعالى ،

قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، قالَ: يقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: تُرِيدُونَ شيئًا أزِيدُكُمْ؟ فيَقولونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنا؟ ألَمْ تُدْخِلْنا الجَنَّةَ، وتُنَجِّنا مِنَ النَّارِ؟ قالَ: فَيَكْشِفُ الحِجابَ، فَما أُعْطُوا شيئًا أحَبَّ إليهِم مِنَ النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ عزَّ وجلَّ ). وفي رواية: وزادَ ثُمَّ تَلا هذِه الآيَةَ: {لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وزِيادَةٌ} [يونس: 26]...

الراوي : صهيب بن سنان الرومي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 181 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] .

ومن صفات جنة النعيم خلوها من المنغصّات والمكدّرات ، فلا هم يلحق أهلها ، ولا تعب يصيبهم ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من دخلها - يعني الجنة - ينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابهم ، ولا يفنى شبابهم ) رواه مسلم .

أما رزق أهل الجنة ، إذا ما اشتهى أحدهم شيئا إلا أتاه ،

قال تعالى : { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (الزخرف:71) فما أعظَمَ نعيمهم ، وما ألذَّ سرورهم .

أما نساؤهم فالحور العين ، يبلغ من جمال الواحدة منهن أن لو طلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بين الجنة والأرض ، ولملأت ما بينهما بريحها ، ولخمارها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ، قال تعالى :{ كذلك وزوجناهم بحور عين } ( الدخان:54) .هذا عن الحور العين ،

 أما عن نساء أهل الدنيا ، فينعم الله عليهن في الجنة بجمال أشدَّ من جمال الحور العين ،

قال تعالى:  ﴿إِنّا أَنشَأناهُنَّ إِنشاءً﴾﴿فَجَعَلناهُنَّ أَبكارًا﴾ ﴿عُرُبًا أَترابًا﴾ [الواقعة ٣٥: ٣٧]

وأما أنهار الجنة فقد ذكرها سبحانه في كتابه الكريم فقال: ﴿مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتي وُعِدَ المُتَّقونَ فيها أَنهارٌ مِن ماءٍ غَيرِ آسِنٍ وَأَنهارٌ مِن لَبَنٍ لَم يَتَغَيَّر طَعمُهُ وَأَنهارٌ مِن خَمرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبينَ وَأَنهارٌ مِن عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُم فيها مِن كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغفِرَةٌ مِن رَبِّهِم كَمَن هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ وَسُقوا ماءً حَميمًا فَقَطَّعَ أَمعاءَهُم﴾ [محمد: ١٥]

وأما سعة الجنة فلا يعلم ذلك إلا الله ، وقد أخبرنا سبحانه عن عرضها بأنه ما بين السماء والأرض ، قال تعالى: { ﴿سابِقوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السَّماءِ وَالأَرضِ أُعِدَّت لِلَّذينَ آمَنوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾ [الحديد: ٢١] .

 وقال تعالى : ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ [آل عمران: ١٣٣] وذكر العلماء أن الله ذكر عرض الجنة ولم يذكر طولها للدلالة على سعتها العظيمة .

هذه بعض أوصاف الجنة وأوصاف أهلها ، وهي غيض من فيض ، ونقطة من بحر . ومن أراد أن يتعرف على جنة الله ودار كرامته فعليه بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فليس بعد بيانهما بيان ، فهل بعد هذا من مشمِّرٍ إلى الجنة ، فإن الجنة - ورب الكعبة - نورٌ يتلألأ ، وريحانة تهتز ، وقصر مشيد ، ونهر جار ، وفاكهة كثيرة نضيجة ، وزوجة حسناء جميلة . صيد الفوائد- بتصرف يسير

فهلا حبيباتي نشمر لها هل يستوى أي متاع ولذة زائلة بالدنيا بما أعده الله لعباده الصالحين

من خرجت متزينة بأبهى صورة وكأنها تُزف الى زوجها ويراها الجميع هل خافت من الحديث

قال صلى الله عليه وسلم  (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا).

الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 2128 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

الشرح :

في هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ صِنفَينِ، أي: نَوعين مِن أهْلِ النَّارِ لم يَرَهُما بعدُ، أي: في عَصْرِه، بل سَيأتيانِ بَعدَه؛ الصِّنف الأوَّل: قَومٌ معهم "سِياطٌ" جمْعُ سَوطٍ كَأذنابِ البقرِ، يعني: أنَّها سِياطٌ طويلةٌ وله رِيشةٌ يَضرِبون بها النَّاسَ، أي: بِغيرِ حقٍّ وهؤلاء هُمُ الشُّرَطُ الَّذينَ يَضرِبونَ النَّاسَ بِغيرِ حقٍّ. والصِّنف الثاني: نِساءٌ كاسياتٌ، أي: في نِعمةِ اللهِ، عارياتٌ مِن شُكرِها، وقيل: يَسترْنَ بعضَ بَدنِهنَّ ويَكشفْنَ بَعضَه؛ إظهارًا لجمالِهنَّ وإبرازًا لِكمالِهنَّ، وقيل: يَلبسْنَ ثَوبًا رقيقًا يَصفُ بَدنَهنَّ وإنْ كنَّ كاسياتٍ لِلثِّيابِ عارياتٍ في الحقيقةِ، أو كاسياتٍ بِالحُلَى وَالحُلِيِّ، عارياتٍ مِن لباسِ التَّقوى "مُمِيلاتٌ"، أي: مُمِيلاتٌ قلوبَ الرِّجالِ إليهن، أوِ الْمَقانِعَ عَن رؤوسِهِنَّ؛ لِتظْهَرَ وُجوهُهنَّ، وقيل: مُميلاتٌ بِأكتافِهنَّ، وقيل: يُمِلْنَ غيرَهنَّ إلى فِعلِهنَّ المذمومِ، "مَائلاتٌ"، أي: إلى الرِّجالِ بِقُلوبِهنَّ أو بِقوالبِهنَّ، أو مُتبختراتٌ في مَشْيِهنَّ، أو زائغاتٌ عَنِ العَفافِ، أو مائلاتٌ إلى الفُجورِ والهوى، وقيلَ: مائلاتٌ يَمْتَشطْنَ مِشطَةَ الْمَيلاءِ، وقيلَ: مِشْطَةَ البَغايا، مُمِيلاتٌ يَمشطْنَ غيرَهنَّ بِتلكَ الْمِشطَةِ "رؤوسُهنَّ كَأسنمةِ البُخْتِ"، والبُخِتِيُّ مِنَ الجِمالِ، والأُنثى بُختِيَّةٌ جمْعُ بُخْتٍ وَبَخاتيٍّ، وهي جِمالٌ طِوالُ الأعناقِ، واللَّفظةُ مُعرَّبَةٌ، أي: يُعظِّمْنَها ويُكبِّرنَها بِلفِّ عِصابةٍ ونحوِها، وقيلَ: يَطمَحْنَ إلى الرِّجالِ لا يَغضُضنْ مِن أبصارهِنَّ، ولا يُنكِّسْنَ رؤوسَهنَّ، "المائلةِ" صِفةٌ لِلأسْنِمَةِ، وهي جمْعُ السَّنامِ، والمائلةُ مِنَ الْمَيلِ؛ لأنَّ أعْلَى السَّنامِ يَميلُ لِكثرةِ شحْمِه، لا يَدخُلْنَ الجنَّةَ ولا يَجدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَتُوجدُ مِن مَسيرةِ كذا وكذا، أي: مئةِ عامٍ مثلًا، ومعناه: أنَّهنَّ لا يَدخلْنَها ولا يجدْنَ رِيحَها حينَ ما يَدخُلُها ويَجدُ رِيحَها العَفائفُ الْمُتورِّعاتُ، لا أنَّهنَّ لا يَدخُلْنَ أبدًا ويُمكنُ أنْ يكونَ محمولًا على الاستحلالِ، أو المرادُ منه الزَّجرُ والتَّغليظُ، ويمكنُ أنَّهنَّ لا يَجدْنَ رِيحَها وإنْ دَخلْنَ في آخِرِ الأمرِ، واللهُ تعالى أعلمُ. الدرر السنية

في الحديثِ: مُعجزةُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه.

وفيه: بيانُ بعضِ صفاتِ أهلِ النَّارِ.. هل تذكرت الثواب العظيم للعفيفات المصونات الحافظات وماينتظرن من نعيم عند رب البريات؟! هل يستويان؟

لا وربي لايستويان ، من ألقت سمعها لكل شاردة وواردة وخاضت في الأعراض وو

من حفظت سمعها وبصرها عما حرمه الله ومن أطلقتهما؟! لا وربي لايستويان

في السنة

🍃(أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِن أبْوَابِ الجَنَّةِ: يا عَبْدَ اللَّهِ هذا خَيْرٌ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلَاةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِن بَابِ الجِهَادِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ، فَقالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ ما علَى مَن دُعِيَ مِن تِلكَ الأبْوَابِ مِن ضَرُورَةٍ، فَهلْ يُدْعَى أحَدٌ مِن تِلكَ الأبْوَابِ كُلِّهَا، قالَ: نَعَمْ وأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ.)🍃

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

الصفحة أو الرقم: 1897 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

حَثَّ اللهُ عزَّ وجلَّ عِبادَه على المُسارَعةِ إلى الخَيراتِ، ووَعَدَ عليها بالثَّوابِ الجَزيلِ في الدُّنيا والآخِرةِ.

وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أبو هُرَيرةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخبَرَ أنَّ مَن تَصدَّقَ بعَدَدِ اثنَينِ مِن أيِّ شَيءٍ كان صِنفَين أو مُتشابِهَينِ، كبَقَرَتينِ، أو دِرهمَينِ، أو رَغيفَينِ، أو ثَوبينِ، ويَحتمِلُ أنْ يُرادَ به الإنفاقُ مرَّةً بعْدَ أُخرى، أي: جاعلًا الإنفاقَ عادةً له. وقولُه: «في سَبيلِ اللهِ»، أي: في طَلَبِ ثَوابِه، وهو أعمُّ مِن الجِهادِ وغيرِه مِن العِباداتِ؛ فمَن فَعَلَ ذلك نادَتْه الملائكةُ يومَ القِيامةِ مِن أبوابِ الجنَّةِ مُرحِّبةً بقُدومِه إليها، وهي تَقولُ: «يا عبدَ اللهِ، هذا خَيرٌ»، أي: هذا العمَلُ الَّذي عَمِلْتَه خَيرٌ مِن الخَيراتِ، والتَّنوينُ في «خيرٌ» للتَّعظيمِ، أي: خَيرٌ عَظيمٌ، فلَفْظُ «خَيرٌ» بمعْنى فاضِلٍ، لا بمعْنى أفضَلَ، وإنْ كان اللَّفظُ قدْ يُوهِمُ ذلك؛ ففائدتُه زِيادةُ تَرغيبِ السامعِ في طَلَبِ الدُّخولِ مِن ذلك البابِ، أو المرادُ: هذا البابُ الَّذي تُدْعى إليه لِتَدخُلَ منه خَيرٌ، أي: فيه خَيرٌ كثيرٌ، وإنَّما قِيل له هذا تَعظيمًا له وتَشريفًا.

وقدْ جعَل اللهُ عزَّ وجلَّ لكلِّ عِبادةٍ بابًا مَخصوصًا في الجنَّةِ؛ فالمُكثِرون مِن الصَّلاةِ النافلةِ بعْدَ أداءِ الفرائضِ يُنادَون مِن بابِ الصَّلاةِ، ويَدخُلون منه، وهكذا الأمرُ بالنِّسبةِ إلى سائرِ العباداتِ مِن جِهادٍ وصَدَقةٍ. والمُكثِرون مِن الصَّومِ تَستقبِلُهم الملائكةُ عندَ بابِ الرَّيَّانِ داعيةً لهم بالدُّخولِ منه، والرَّيَّانُ: مِن الرِّيِّ، وهو نَقيضُ العَطَشِ؛ وسُمِّي بذلك؛ لأنَّه مَن دخَله لم يَظمَأْ أبدًا، وفي تَسميةِ البابِ بذلك مُناسَبةٌ حَسَنةٌ؛ لأنَّه جَزاءُ الصَّائِمينَ على عَطَشِهم وجُوعِهم، واكتُفِيَ بذِكرِ الرِّيِّ عن الشِّبَعِ لأنَّه يَستلزِمُه، أو لكونِه أشقَّ على الصَّائمِ مِن الجُوعِ. وقولُه: «ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ» ليس تَكرارًا لِقولِه: «مَن أنفَقَ زَوجَينِ»؛ لأنَّ الإنفاقَ ولو بالقَليلِ خَيرٌ مِن الخَيراتِ العَظيمةِ، وذاك حاصِلٌ مِن كلِّ أبوابِ الجنَّةِ، أمَّا هذا فهو استِدعاءٌ خاصٌّ.

فقال أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: أفْدِيك بأبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ليس على الشَّخصِ الَّذي يُدْعى مِن أيِّ بابٍ مِن تلك الأبوابِ ضَرَرٌ يَلحَقُه أبدًا؛ لأنَّ مآلَهُ الفوزُ بنَعيمِ الجنَّةِ. ويَحتمِلُ أنْ يكونَ المعْنى: أنَّ مَن دُعِيَ مِن بابٍ مِن تلك الأبوابِ لَيستْ له حاجةٌ إلى أنْ يُدْعى مِن جَميعِ الأبوابِ؛ إذ البابُ الواحِدُ يَكفي لدُخولِه الجنَّةَ.

ثمَّ سَأَلَ أبو بَكرٍ رضِي اللهُ عنه رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ يُدْعَى أحدٌ مِن تلك الأبوابِ كلِّها؟ فأجابَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَم، يُوجَدُ مِن المؤمنِينَ مَن يُدْعى مِن الأبوابِ كلِّها؛ لكَثرةِ عِباداتِه وتنوُّعِها واختلافِها، ثم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وأرْجو أنْ تكونَ منهم» يا أبا بَكْرٍ؛ فإنَّه رَضيَ اللهُ عنه كان قدْ جَمَعَ خِصالَ تلك الأبوابِ كلِّها، كما في صحيحِ مُسلمٍ عن أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «منَ أصبَحَ منكم اليومَ صائمًا؟ قال أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنا، قال: فمَن تَبِعَ منكم اليومَ جِنازةً؟ قال أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنا، قال: فمَن أطعَمَ منكم اليومَ مِسكينًا؟ قال أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنا، قال: فمَن عادَ منكم اليومَ مَريضًا؟ قال أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنا، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما اجتَمَعْنَ في امرئٍ إلَّا دَخَلَ الجنَّةَ».

وفي الحَديثِ: أنَّ الملائكةَ يُحِبُّون صالحِي بَني آدَمَ، ويَفرَحون بهم.

وفيه: أنَّ الإنفاقَ كلَّما كان أكثَرَ كان أفضَلَ.

وفيه: أنَّ تَمنِّيَ الخيرِ في الدُّنيا والآخِرةِ مَطلوبٌ.

وفيه: فَضيلةٌ ظاهرةٌ لأبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنه.

وفيه: بَيانُ فَضلِ مَن جَمَعَ بيْن خِصالِ الخيرِ.

وفيه: مَشروعيَّةُ مَدْحِ الإنسانِ في وَجْهِه إذا لم يُخَفْ عليه فِتنةٌ مِن إعجابٍ وغيرِه.

https://dorar.net/hadith/sharh/11592 الدرر السنية