تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

الاثنين، 9 ديسمبر 2013

تثبيت الله للنبي صلى الله عليه وسلم واستمرار الأذى


(سيرة18)-7 صفر 1435
10-12-2013
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله لا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (1) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْس وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (2)
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ  وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (3)

أما بعد ً



وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
(جاءَ جبريلُ عليهِ السَّلامُ ذاتَ يومٍ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ جالسٌ حزينٌ قد خُضِّبَ بالدِّماءِ قَد ضربَهُ بعضُ أهْلِ مَكَّةَ فقالَ ما لَكَ قالَ فَعلَ بي هؤلاءِ وفعَلوا قالَ أتحبُّ أن أريَكَ آيةً قالَ نعَم أرِني فنظرَ إلى شجرَةٍ من وراءِ الوادي قالَ ادعُ تلكَ الشَّجرةَ فدَعاها فجاءَت تَمشي حتَّى قامَت بينَ يدَيهِ قالَ قل لَها فَلتَرجِع فقالَ لَها فرجَعَت حتَّى عادَت إلى مَكانِها فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حَسبي)
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3270
خلاصة حكم المحدث: صحيح


(عن عبدِ اللهِ بنِ الحارثِ بن جَزءِ الزُّبيدِيِّ أنه مَّر وصاحبٌ له بأيمنَ وفئةٌ من قريش قد حلُّوا أُزُرَهم فجعلوها مخاريقَ يجتلِدون بها وهم عُراةٌ قال عبدُ اللهِ فلما مرَرْنا بهم قالوا إنَّ هؤلاء قِسِّيسونَ فدعُوهم ثم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خرج عليهم فلما أبصَروه تبدَّدُوا فرجع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُغضَبًا حتى دخل وكنتُ وراءَ الحُجرةِ فسمعتُه يقول سبحانَ اللهِ لا منَ اللهِ استحيُوا ولا من رسولِ اللهِ استَتروا وأمُّ أيمنَ عندَه تقول استغفرْ لهم يا رسولَ اللهِ قال عبدُ اللهِ فبلأيٍّ ما استغفرَ لهم)

أي بَعْدَ مَشقَّة وَجهْدٍ وإبْطَاء أي بَعْدَ مَشقَّة وَجهْدٍ وإبْطَاء ومنه حديث عائشة وهِجْرِتها ابْنَ الزُّبير [فبِلأَيِ مَّا كلَّمَتْه]-الدرر السنية
الراوي: عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 6/1243
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح رجاله ثقات
وصححه: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 555
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم ، يشتمون مذمما ويلعنون مذمما ، وأنا محمد)

الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3533
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

وعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال:
(جلسنا إلى المقدادِ بنِ الأسودِ يومًا فمرَّ به رجلٌ فقال طُوبَى لهاتين العينيْنِ اللتين رَأَتَا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم واللهِ لوددنا أنَّا رأيْنَا ما رأيتَ وشهِدْنا ما شهدتَ فاستُغضبَ فجعلتُ أعجبُ ما قال إلا خيرًا ثم أقبلَ عليه فقال ما يحملُ الرجلُ على أن يتمنى محضرًا غيَّبَه اللهُ عنه لا يدري لو شهدَه كيف يكونُ فيه واللهِ لقد حضر رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أقوامٌ كبَّهمُ اللهُ على مناخرِهم في جهنمَ لم يُجيبوهُ ولم يُصدِّقوهُ أولا تحمدون اللهَ عزَّ وجلَّ إذ أخرجَكُم لا تعرفون إلا ربَّكم فتُصدِّقونَ بما جاء به نبيَّكم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قد كُفِيتم البلاءَ بغيرِكم واللهِ لقد بُعِثَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على أشدِّ حالٍ بُعِثَ عليها نبيٌّ قط في فترةٍ وجاهليةٍ ما يرون أنَّ دِينًا أفضلَ من عبادةِ الأوثانِ فجاء بفرقانٍ فرَّقَ به بين الحقِّ والباطلِ وفرَّقَ به بين الوالدِ وولدِه حتى إن كان الرجلُ ليرى والدَه أو ولدَه أو أخاه كافرًا وقد فتح اللهُ قُفْلَ قلبِه بالإيمانِ ويعلمُ أنَّهُ إن هلك دخل النارَ فلا تقرُّ عينُه وهو يعلمُ أنَّ حبيبَه في النارِ وأنها للتي قال اللهُ عزَّ وجلَّ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) [الفرقان:74].

الراوي: جبير بن نفير (تابعي) المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 64-خلاصة حكم المحدث: صحيح

والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمر يدعو إلى الله تعالى ليلاً نهاراً، وسراً وجهراً، لا يصرفه عن ذلك صارف، ولا يرده عن ذلك راد، ولا يصده عن ذلك صاد، يتبع الناس في أنديتهم ومجامعهم ومحافلهم، وفي المواسم ومواقف الحج، يدعو من لقيه من حر وعبد، وضعيف وقوي، وغني وفقير، جميع الخلق في ذلك عنده شرع سواء.
وتسلط عليه وعلى من اتبعه من أحاد الناس من ضعفائهم الأشداء الأقوياء من مشركي قريش بالأذية القولية والفعلية.

وكان أشد الناس عليه عمه أبو لهب، واسمه عبد العزى بن عبد المطلب، وامرأته أم جميل أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان.

تثبيت الله للنبي صلى الله عليه وسلم واستمرار الأذى
وبداية تعرضنا لأذى عمه أبي لهب وامرأته
 


(لمَّا نزلت تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ؛ جاءت امرأةُ أبي لهبٍ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومعه أبو بكرٍ ، فلمَّا رآها أبو بكرٍ قال : يا رسولَ اللهِ ! إنَّها امرأةٌ بذيئةٌ ، وأخافُ أن تُؤذيَك ، فلو قمتَ ! قال : إنَّها لن تراني . فجاءت فقالت : يا أبا بكرٍ ! إنَّ صاحبَك هجاني ، قال : لا ، وما يقولُ الشِّعرَ ، قالت : أنت عندي مُصدَّقٌ ، وانصرفت ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! لم ترَك ؟ ! قال : لا ، لم يزَلْ ملَكٌ يستُرُني منها بجناحَيْه)

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الموارد - الصفحة أو الرقم: 1762
خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره

وسبق الحديث عن سب إبو لهب للنبي بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم

وخالفه في ذلك عمه أبو طالب بن عبد المطلب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب خلق الله إليه طبعاً، وكان يحنو عليه، ويحسن إليه، ويدافع عنه ويحامي، ويخالف قومه في ذلك؛ مع أنه على دينهم وعلى خلتهم؛ إلا أن الله قد امتحن قلبه بحبه حباً طبعياً لا شرعياً.
وكان استمراره على دين قومه من حكمة الله تعالى ،
ومما صنعه لرسوله من الحماية؛ إذ لو كان أسلم أبو طالب لما كان له عند مشركي قريش وجاهة ولا كلمة، ولا كانوا يهابونه ويحترمونه،ولاجترؤوا عليه، ولمدوا أيديهم وألسنتهم بالسوء إليه، ﴿وربك يخلق ما يشاء ويختار﴾ [القصص:28]، وقد قسم خلفه أنواعاً وأجناسا.

فهذان العمان كافران: أبو طالب وأبو لهب،
ولكن هذا يكون في القيامة في ضحضاح من النار، وذلك في الدرك الأسفل من النار، وأنزل الله فيه سورة في كتابه تتلى على المنابر، وتقرأ في المواعظ والخطب، تتضمن أنه ﴿سيصلى ناراً ذات لهب. وامرأته حمالة الحطب﴾ [المسد:3و4].

عن طارق بن عبدالله المحاربي

(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية في سوق (ذي المجاز) وهو رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ مرَّ في سوقِ ذي المَجازِ وعليهِ حلَّةٌ حمراءُ وَهوَ يقولُ : يا أيُّها النَّاسُ قولوا لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تُفلِحوا ورجلٌ يتَّبعُهُ يرميهِ بالحجارةِ قَد أدمَى كَعبَيهِ وعُرقوبَيهِ وَهوَ يقولُ يا أيُّها النَّاسُ لا تُطيعوهُ فإنَّهُ كذَّابٌ فقُلتُ مَن هذا قالوا غُلامُ بَني عبدِ المطَّلبِ فقُلتُ مَن هذا الَّذي يتَّبعُهُ يرميهِ بالحجارةِ قالوا هذا عبدُ العُزَّى أبو لهبٍ)
الراوي: طارق بن عبدالله المحاربي المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 516-خلاصة حكم المحدث: صحيح

وأما أبو طالب؛ فكان في غاية الشفقة والحنو الطبيعي؛ كما سيظهر من صنائعه وسجاياه واعتماده فيما يحامي به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.

وفي ذلك دلالة على أن الله تعالى عصمه بعمه؛ مع خلافه إياه في دينه، وقد كان يعصمه حيث لا يكون عمه بما يشاء، لا معقب لحكمه.

وماسبق وتعرض النبي صلى الله عليه وسلم للأذى من أبي جهل

(كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يصلِّي فجاءَ أبو جهلٍ فقالَ ألم أنهَكَ عن هذا ألم أنهَكَ عن هذا ألم أنهَكَ عن هذا فانصرفَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فزبرَه فقالَ أبو جهلٍ إنَّكَ لتعلمُ ما بها نادٍ أكثرُ منِّي فأنزلَ اللَّهُ تبارك وتعالى { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } قالَ ابنُ عبَّاسٍ واللَّهِ لو دعا نادِيهُ لأخذتْهُ زبانيةُ اللَّهِ)

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3349-خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

وسبق قول النبي صلى الله عليه وسلم لما دنا منه
((لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً)).
وإلقائه سلا جزور وهو يصلي
و(السلا): هو الذي يخرج مع ولد الناقة؛ كالمشيمة لولد المرأة.

قال أبو جهلٍ : هل يُعفِّرُ محمدٌ وجهَه بين أظهُرِكم ؟ قال فقيل : نعم . فقال : واللاتِ والعُزَّى ! لئن رأيتُه يفعلُ ذلك لأطأنَّ على رقبتِه . أو لأُعفِّرنَّ وجهَه في التُّرابِ . قال فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يصلي . زعم ليطأ على رقبتِه . قال فما فَجَئَهم منه إلا وهو ينكُصُ على عَقِبَيه ويتَّقي بيدَيه . قال فقيل له : مالَكَ ؟ فقال : إنَّ بيني وبينه لَخندقًا من نارٍ وهولًا وأجنحةً . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " لو دنا مني لاختطَفَتْه الملائكةُ عضوًا عضوًا " . قال فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ - لا ندري في حديثِ أبي هريرةَ ، أو شيءٌ بلغه - : كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىيعني أباجهلٍ (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) [ 96 / العلق / 6 - 19 ] . زاد عبيد الله في حديثِه قال : وأمره بما أمره به . وزاد ابن عبد الأعلى : فليدعُ نادِيَه . يعني قومَه .
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2797-خلاصة حكم المحدث: صحيح

و أبو بكر رضي الله عنه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ﴿أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم﴾ [غافر : 28]. كما سبق

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه:
(أتسمعون يا معشرَ قريشٍ ! أما والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه ؛ لقد جئتُكم بالذَّبحِ . قال : فأخذت [ القومُ ] كلمتَه ، حتَّى ما منهم رجلٌ إلَّا لكأنَّما على رأسِه طائرٌ واقعٌ ، حتَّى إنَّ أشدَّهم فيه وطأةً قبل ذلك يترفَّؤُه بأحسنِ ما يُجيبُ من [ القولِ ] ؛ حتَّى إنَّه ليقولُ : انصرِفْ يا أبا القاسمِ ! انصرِفْ راشدًا ؛ فواللهِ ما كنتُ جهولًا ! . فانصرف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، حتَّى إذا كان من الغدِ ، اجتمعوا في الحِجرِ ؛ وأنا معهم ، فقال بعضُهم لبعضٍ : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتَّى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه ! وبينا هم في ذلك ؛ إذ طلع عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فوثبوا إليه وثبةَ رجلٍ واحدٍ ، وأحاطوا به يقولون له : أنت الَّذي تقولُ كذا وكذا ؟ لمَّا كان يبلغُهم منه من عيبِ آلهتِهم ودينِهم ، قال : نعم أنا الَّذي أقولُ ذلك ، قال : فلقد رأيتُ رجلًا منهم أخذ بمجمَعِ ردائِه ، وقام أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي اللهُ عنه دونه يقولُ – وهو يبكي - : أتقتلون رجلًا أن يقولَ ربِّي اللهَ ، ثمَّ انصرفوا عنه . فإنَّ ذلك لأشدُّ ما رأيتُ قريشًا بلغت منه قطُّ .)

الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الموارد - الصفحة أو الرقم: 1404-خلاصة حكم المحدث: حسن

فصل في تأليب الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه واجتماعهم بعمه أبي طالب القائم في منعه ونصرته وحرصهم عليه أن يسلمه إليهم
فابى عليهم ذلك بحول الله وقوته

عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(لقد أُوذيتُ في اللَّهِ وما يُؤذى أحدٌ ولقد أُخفتُ في اللَّهِ وما يُخافُ أحدٌ ولقد أتت عليَّ ثالثةٌ وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأكلُه ذو كبدٍ إلَّا ما وارَى إبطُ بلالٍ)
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 123-خلاصة حكم المحدث: صحيح

فصل فيما اعترض به المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما تعنتوا له في أسئلتهم إياه أنواعاً من الآيات وخرق العادات
على وجه العناد لا على وجه طلب الهدى والرشاد
فلهذا لم يجابوا إلى كثير مما طلبوا، ولا ما إليه رغبوا؛ لعلم الحق سبحانه؛ أنهم لو عاينوا وشاهدوا ما أرادوا لاستمروا في طغيانهم يعمهون، ولظلوا في غيهم وضلالهم يتردّون.
قال الله تعالى : ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ ءَايَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ. وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ. وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾[ الأنعام: 109-111].

وقال تعالى : ﴿الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ. وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ ءَايَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾[يونس: 96و97].

وقال تعالى : ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ [الإسراء: 59].

وقال تعالى : ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا.
أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا. أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ [الإسراء: 90-93].

وتقدم سؤال أهل (مكة) رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم لصفا ذهباً،

فأنزل الله تعالى : ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ [الإسراء:59].

وكذلك لحق الصحابة -رضوان الله عليهم- من الأذى الشيء الكثير،وبالرسول صلى الله عليه وسلم
ونكمل المرة القادمة إن شاء الله

صحيح السيرة لابن كثير تحقيق شيخنا الألباني رحمهم الله 
بتصرف
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق