تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

الثلاثاء، 4 مارس 2014

عام الحزن



3 جمادى الأولى1435
درس33- 3 جمادى الآخرة

نقض الصحيفة الظالمة
تحدثنا بالمرة الماضية أن قام بنقض الصَّحيفة نفَرٌ من أشَدِّهم في ذلك صنيعًا هشام بن عمرو بن الحارث العامري و زُهَيْر بن أبي أميَّة و المطعم بن عدي، و زمعة بن الأسود، فاجتمعوا على ذلك, فلمَّا جلسوا بالحجر، تكلَّموا في ذلك، وأنكروه وتواطَؤوا عليه، فقال أبو جهل: هذا أمرٌ قُضِي بليلٍ، وفي آخر الأمر أخرجوا الصحيفة، فمزَّقوها وأبطلوا حكمها، وذكر ابنُ هشام أنَّهم وجدوا الأرضة قد أكلَت جميع ما فيها إلاَّ اسم الله، وقيل: إنَّها لم تدع اسمًا لله إلا أكلَتْه، والله أعلم


ونكمل من فقه السيرة للشيخ زيد عبد الكريم الزيد
شرح الشيخ :عبد العظيم بدوي

وقام المطعم بن عدي إلى الصحفية ليشقها، فوجد الأرضة -الدودة- قد أكلتها -أكلت الصحيفة كلها- إلا كلمة "بسمك اللهم" هي التي بقيت في الصحيفة.
رواية أخرى : روى أبو إسحاق: أن الله -عز وجل- أرسلَ على الصحيفة الأرضة، فلم تدعْ فيها اسمًا لله -عز وجل- إلا أكلته، وبقيَ فيها الظلم والقطيعة والبهتان
وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك عمَّه، أخبر عمَّه بما حصل في الصحيفة قبل أن يعرف.
فذهب أبو طالب إلى قومه وأخبرهم بذلك، وقال لهم: فإن كان كاذبًا فلكم عليَّ أن أدفعه إليكم تقتلونه، وإن كان صادقًا؛ فهل ذلك ناهيكم عن تظاهركم علينا؟
إذن ابن إسحاق يقول في السيرة: أن الله تعالى أعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن الأرضة أكلت الصحيفة، فقال: يا عمي حصل كذا وكذا في الصحيفة، فذهب أبو طالب لقريش، قال: محمد يقول حصل كذا وكذا.
إن كان صادقًا تكون آية بيِّنة على صدقه، تتركونه وشأنه، إن لم تؤمنوا به. وإن كان كاذبًا أنا عليَّ أن آتيكم به لتقتلوه كما أردتم فأخذ عليهم الميثاق، وأخذوا عليه،          فلما نشروها -أي الصحيفة- فإذا هي كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
-          لم نعثر على رواية بالصحيح ولكن وُجدت بكتب السيرة والله أعلم-
وتتابع على ذلك ناس من أشراف قريش فخرجوا من الشعب.
هكذا انتهى الحصار، وانتهت المقاطعة، وخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أعمامه من هذا الشعب وذلك الحصار.
**دروس وعبر من المقاطعة الحصار الاقتصادي الذي فرضته قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وأعمامه ، منها :
1--إن المتأمل لبنود هذه الاتفاقية يجد أن قريشًا قد أحكمت البنود، ولم تدع فيها ثغرة يمكن النفاذ من خلالها،مما يؤكد أنها وضعت بعد مداولات ومشاورات على نطاق واسع، وشاركت في وضعها عقول مفكرة امتزجت معها خبرات عديدة، وحبكها ذكاء مفرط.
2-- ثم إنهم علقوا الصحيفة بالكعبة، وتعليق الصحيفة بالكعبة يعطيها قدسية ومهابة،ويجعل بنودها تأخذ طابع القداسة التي يجب التقيُّد والالتزام بها، لأن العرب جميعًا تقدس الكعبة، وتضع لها مكانًا ساميًا من الحرمة والقدسية،
- فقريش حتى تجبر العامة على احترام الصحيفة والالتزام ببنودها ومبادئها من المقاطعة؛ علقتها في الكعبة.
3-- و منها :أن نعلم أن الدعوة الإسلامية كانت تحقق انتصارات عظيمة، وكانت السنوات الثلاث التي قضاها النبي ومَن معه من المسلمين فضلًا عن أعمامه، كانت هذه السنوات الثلاث زادًا عظيمًا في البناء والتربية حيث ساهم بعضهم في تحمُّل آلام الجوع والخوف والصبر على الابتلاء وضبط الأعصاب، والضغط على النفوس والقلوب، ولجم العواطف عن الانفجار.
4-- وكانت هذه الحادثة سببًا في خدمة الدعوة والدعاية لها بين قبائل العرب،
فقد ذاع الخبر في كل القبائل العربية من خلال موسم الحج، ثلاث سنين وبنو هاشم وبنو المطلب محاصرين، كلما الناس تحج، لا يجدونهم، أين؟ قريش فرضت عليهم حصار. فذاع الخبر في كل القبائل، ولفت أنظار جميع الجزيرة العربية إلى هذه الدعوة التي يتحمل صاحبها وأصحابه الجوع والعطش والعزلة لكل هذا الوقت، أثار ذلك في نفوسهم أن هذه الدعوة دعوة حق، ولولا أنها دعوة حق لَمَا تحمَّل صاحب الرسالة وأصحابه كل هذا الأذى والعذاب من أجلها.
5- كذلك أثار هذا الحصار وهذه المقاطعة سخط العرب على كفار مكة لقسوتهم على بني هاشم وبني المطلب، كما أثار عطفهم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فما أن انفكَّ الحصار حتى أقبل الناس على الإسلام، وحتى ذاع أمر هذه الدعوة، وتردد صداها في كل بلاد العرب، وهكذا ارتدَّ سلاح الحصار الاقتصادي على أصحابه، وكان عاملًا قويًّا من عوامل انتشار الدعوة، عكس ما أراد زعماء الشرك تمامًا من هذا الحصر.
فقد كانوا أرادوا إطفاء نور الله؛ فأبى الله إلا أن يتمَّ نوره. أرادوا إقصاء الناس عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه؛ فكان هذا الحصار سببًا في نشر الخبر في القبائل ومعرفتهم أن صاحب هذه الدعوة على حق.
6--وكان لوقوف بني هاشم وبني المطلب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحملهم معه هذا الحصار الاقتصادي والاجتماعي كان له أثر في الفقه الإسلامي-- حيث إن الله -سبحانه وتعالى- جعل لهم سهم ذوي القربى من خمس الغنائم، حيث قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} [الأنفال: 41].
فهذه هي الدروس المستفادة من الحصار الاقتصادي الذي فرضته قريش على النبي -صلى الله عليه وسلم- وبني هاشم وبني المطلب.
ولمَّا انجلت الغمَّة، وأزال الله الكربة عن بني هاشم والمطلب، وعن الرسول والمؤمنين بشق الصحيفة الظالمة؛ أهـ فقه السيرة


**وعظة لنا أحبتي هذه المقاطعة، هذا الإسلام الذي وصل إليكم، بذل من أجله الغالي والرخيص والنفس والنفيس حتى وصل إلينا، لذلك حافظوا عليه وتمسكوا به وعضوا عليه بالنواجذ وابذلوا في سبيله ماتستطيعون.
* وعبرة ايضا حافظوا على النعم بدوام شكره وأيضا عزاء لكل مسلم يبتلى ويحزن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة واسمعوا ماذا قال بأبي هو وأمي:
قال صلى الله عليه وسلم:
"لقد أُخِفتُ في اللَّهِ وما يُخافُ أحدٌ . ولقد أوذيتُ في اللَّهِ وما يُؤذى أحدٌ . ولقد أتت عليَّ ثلاثونَ من بينِ يومٍ وليلةٍ وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأْكلُهُ ذو كبدٍ إلاَّ شيءٌ يواريهِ إبطُ بلالٍ"
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2472-خلاصة حكم المحدث: صحيح-


وفد نجران إلى النبي صلى:

 يذكر الشيخ الخضري رحمه الله:
من كتاب نور اليقين
يذكر الشيخ الخضري رحمه الله: أن وفد نجران جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن خرج من الشعب وهم جماعة من النصارى كانوا قد سمعوا ببعثته صلى الله عليه وسلم من مهاجري الحبشة فأردوا أن يصلوا إليه وليتحققوا مما جاء في كتبهم من خبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن الله سبحانه بشر بنبينا صلى الله عليه وسلم في الإنجيل وفي التوراة كما قال الله سبحانه على لسان عيسى: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ[الصف: 6]. وهناك عبارات في الإنجيل تبشر بالنبي صلى الله عليه وسلم باسم أحمد صراحة وباسم الفرقليت، والفرقليت معناه الأحمد أو محمد باللغة السريانية الفرقليت، والفرقليت هو أحمد أو محمد إذا ترجمت إلى اللغة العربية.
فهؤلاء لما سمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكر كان عددهم عشرين رجلا أو قريبا من ذلك، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم لينظروا هل هو حقا نبي الله تبارك وتعالى الذي أرسله الله سبحانه فجاءوا ليتحققوا من ذلك فلما أرادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأوا ما عنده آمنوا به صلى الله عليه وسلم ، فاعترضهم أبو جهل فقال: ما رأيت ركبا أحمق منكم، أرسلكم قومكم تعلمون خبر هذا الرجل فصبئتم فقالوا: سلام عليكم لا نجاهلكم، لكم ما أنتم عليه ولنا ما اخترناه، فأنزل الله سبحانه في ذلك قوله

﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ[القصص: 52- 55].
وقد كان أهل مكة حينما عجزوا عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتمكنوا من مقارعته بالحجة والبيان رموه كما ذكرنا قبل ذلك بالسحر والكهانة والدجل والشعوذة وأنه معلم من قبل الجن إلى غير هذه التهم، وحتى أنهم باهلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك فقالوا:

كما ذكر ربي سبحانه في كتابه﴿قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[الأنفال: 32].،
 فقال الله سبحانه ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[الأنفال: 33].
 فهذا وفد نجران جاء إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - للدخول في الإسلام وكأن هذه يعني بشارة للنبي بأن أمرك سيظهر وأن الله جل جلاله سيرفعك وإن كان ما كان من الشدة والأذى والحزن والهم والغم الذي يصيبك بسبب هذه الدعوة.
ومن الحصار ومالاقوه خلال ثلاث سنوات تأتي بلية أخرى لنبينا صلى الله عليه وسلم

حدث حادثان جلبا للرسول - صلى الله عليه وسلم- حزنًا شديدًا:
ولذلك المؤرخون سموه عام الحزن
أولهما موت أبو طالب مات قبل موت خديجة رضي الله عنها وأرضاها.
عندما بلغ أبو طالب بضعاً وثمانين سنة توفي في السنة العاشرة من البعثة بعد الخروج من الشعب وذلك قبل وفاة خديجة،
الشيخ الخضري لم يذكر وفاة أبو طالب إنما ذكر وفاة خديجة مباشرة، رضي الله عنها بثلاثة أيام وقبل الهجرة النبوية بثلاث سنين، يعني بين وفاة أبو طالب وبين وفاة خديجة ثلاثة أيام، مات أبو طالب الذي كان يحميه ويحفظه ويكلؤه حتى أنه عادى قومه من أجله مات أبو طالب وقصة وفاته قد رواها الإمام البخاري في صحيحه وكذلك الإمام مسلم من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب بن حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
دخل على أبي طالب عندما حضرته الوفاة فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أمية فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ونقرأ الحديث من

صحيح البخاري - كِتَاب الْجَنَائِزِ - بَاب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (1294)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قال: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ :حَدَّثَنِي أَبِي ،عَنْ صَالِحٍ ،عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ،عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ،

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ الْآيَةَ)

واستطرد الشيخ:
 طبعا قوله هو على ملة عبد المطلب هذا تصرف من راوي الحديث لأن أبا طالب قال: أنا على ملة عبد المطلب، ولكن الراوي تحرج أن يقول أنا على ملة عبد المطلب، فقال هو على ملة عبد المطلب،

 والحقيقة هذه المسألة من لطائف استخدام الألفاظ وإن كان الأصل أن ناقل الكفر ليس بكافر،مثلا أنت عندما تقول فلان قال أنا كافر فيقال لك ماذا قال، تقول قال أنا كافر فهل معنى ذلك أنك تقصد بها نفسك، لا أنت تنقل وناقل الكفر ليس بكافر، ولكن كل ما وجدت إلى ذلك سبيلا فإن ذلك أولى.

فالراوي قال: آخر ما قال أو آخر ما كلمهم به (هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: «أما والله لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك» النبي صلى الله عليه وسلم من حسن أدبه مع ربه سبحانه وتعالى يجعل هذا الشرط وهذا القيد لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك» فأنزل الله سبحانه
﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى[التوبة: 113] إلى آخر الآيات، وأنزل الله سبحانه
: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ [القصص:56]، وهذه الآية نزلت في أبي طالب.
سؤال :نقرأ قول الله تبارك وتعالى ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ

ونقرأ قول الله تبارك وتعالى ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[الشورى: 52]. هنا يقول ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ

 وفي الآية يقول ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
 أليس هناك تعارض؟  لا ليس هناك تعارض لأن الهداية نوعان، هداية البيان والإرشاد، وهداية التوفيق والسداد، فالهداية المنفية في هذه الآية هداية التوفيق والسداد، أما هداية البيان والإرشاد فهي للنبي
ولأمته من بعده لأن الله تبارك وتعالى جعل أمته خلفا له في دعوته -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

فائدة بمناسبة حديث وفاة أبي طالب: كل حديث يدل على أن أبا طالب نطق بكلمة الإسلام قبل موته أو حرك به شفتاه فهو موضوع لا يصح؛ لأن بعض الصوفية يستغلون بعض الأحاديث بأسانيد ملفقة مكذوبة، يقولون عم النبي صلى الله عليه وسلم  ربنا راضاه في عمه ولم يموت على الكفر إنما قال كلمة الإسلام.
ومصير أبو طالب في الآخرة في النار: كما روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم
صحيح مسلم بشرح النووي - كِتَاب الْإِيمَانِ - أهون أهل النار عذابا أبو طالب وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه

212 وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ

ثانيا من الأحزان هذا العام : بعد وفاة أبي طالب ماتت خديجة رضي الله عنها وأرضاها أم المؤمنين التي بشرها الله تبارك وتعالى بقصر في الجنة «بقصر من قصب لا صخب فيه ولا نصب»سبق تخريجه
 ماتت خديجة وبلغت ثلاثاً وستين سنة وتوفيت أيضا في السنة العاشرة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم من شعب أبي طالب وقبل الهجرة أيضا بثلاث سنين. من رافقته وآزرته وأم أولاده

فهكذا تتابعت المصائب على نبينا  مات أبو طالب وماتت خديجة في عام واحد بل في أيام معدودة وقد كان أبو طالب درعاً حصيناً له صلى الله عليه وسلم وقد كانت خديجة وزيرة الصدق لنبينا -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
يروى في بعض كتب السير لما هلك أبو طالب واشتد أذى قريش للنبي  حتى أن بعض سفهاءهم نثر التراب على وجه النبي  وعلى رأسه دخل النبي إلى بيته وقد عفر وجهه وثوبه  فجعلت إحدى بناته  تنفض عنه التراب وتغسله عنه وهي تبكي والرسول قول: «يا بنية لا تبكي يا بُنية فإن الله مانع أباك»

عام الحزن تسمية لا تصح:هذا العام اشتهر في كتب السيرة أن يسمى ويلقب بعام الحزن، وهو العام العاشر من البعثة النبوية، وهذه التسمية لا تصح؛ لأنه لم يرد أن النبي  سمى هذا العام بعام الحزن أو عام الحزن، لم يرد النبي  فعل ذلك ولا أحد من أصحابه بل أن النبي  رأى ما هو أشد من ذلك وفي أيام أشد من هذه ومع ذلك لم يسميها بهذا الاسم، يعني يموت سبعين من القراء في زمن النبي  وبين يديه، مقتل حمزة بين يديه ، مقتل أصحابه في أحد وأذاهم الأذى البالغ، ومقتل قراء بئر معونة وغيرهم من أصحابه  الذين كان يحبهم حبا جما وقد اختلط بهم.
لكن اصطلح المؤرخون بتسميته عام الحزن  
فقه السيرة – نور اليقين في سيرة المرسلين بتصرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق