تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

الاثنين، 10 مارس 2014

الرحلة إلى الطائف

10جمادى الأولى1435

درس34
 

قبول النبي نصرة عمه أبي طالب له رغم كفره

يستفاد من نصرة أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وموته على الكفر

موقع الإسلام ويب

يجب على العاقل المسلم أن يستفيد من الأوضاع التاريخية التي يعاصرها، فـأبو طالب كان كافراً، فاستفاد النبي صلى الله عليه وسلم من جاه عمه ومن نصرته، ولم يقل: إنه كافر ولا أستعين به ولا ألجأ إليه، فإن الأوضاع تختلف من زمن إلى زمن ومن مرحلة إلى مرحلة،


والمقصود هو نصرة الدين، فحيثما كان الطريق يؤدي إلى نصرة الدين فاعمل به ولا تبال؛ لأنه لا يخلو الأمر من مصالح ومفاسد،

لكن إذا كان الإنسان يقدم أعظم المصلحتين ويدرأ أعظم المفسدتين فإن المقصود الأعظم نصرة الدين، وقد قبل صلى الله عليه وسلم أن يكون مع عمه وهو كافر يسجد لغير الله في شعب واحد استفادة من جاه عمه ونصرته،
وكان عليه الصلاة والسلام يُثني على عمه، وتشفع له عند ربه أن يكون أهون أهل النار عذاباً،


هذه الفائدة الأولى: وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من نصرة عمه أبي طالب .


الفائدة الثانية أن الهداية بيد الله، وأن الإنسان قلبه كقلب غيره بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وأنت لا تفرح بشيء أعظم من نعمة الهداية،


فإن نعمة الهداية التي رزقك الله إياها أو رزقكِ الله إياها يا أختاه حُرمها أبو طالب الذي نصر النبي صلى الله عليه وسلم،


حتى نعلم فضل الرب تبارك وتعالى علينا، ولا ييئس أحد من أحد وهو يدعوه، ولا يجزم أحد في أحد وهو يراه، بمعنى: مهما رأيت على رجل من الصلاح لا تقطع له بجنة ولا بنار، ومهما رأيت على أحد من سوء وفساد لا تقطع له بجنة ولا نار، إنما الأعمال بالخواتيم.


وشاهد آخر كان عبد الله بن أبي السرح أحد الصحابة، أسلم قديماً ثم هاجر إلى المدينة ، ثم ارتد وترك الإسلام وخرج من الدين ورجع إلى الكفر، وأصبح كافراً حتى كان عام الفتح ، و عبد الله هذا أخ لـعثمان رضي الله عنه من الرضاعة، فلما كان عام الفتح دخل عثمان به على النبي صلى الله عليه وسلم،

- وكان عليه الصلاة والسلام قد أهدر دمه- فطلب له العهد أي: طلب منه أن يصون دمه، فسكت صلى الله عليه وسلم وهو في ملأ من أصحابه، فجعل يحدق النظر فيه مدة طويلة، فلما ألح عثمان على رسول الله قال عليه الصلاة والسلام: (نعم) أي: أجرناه، فخرج عثمان بأخيه عبد الله خارج معسكر المسلمين ولنقرأ



الحديث( لما كان يومُ فتحِ مكةَ اختبأَ عبدُ اللهِ بنُ سعدِ بنِ أبي سرحٍ عند عثمانَ بنِ عفانٍ ، فجاء به حتى أوقفَه على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقال : يا رسولَ اللهِ بايِعْ عبدَ اللهِ ، فرفع رأسَه ، فنظر إليه ثلاثًا ، كلُّ ذلك يأبَى ، فبايعَه بعد ثلاثٍ ، ثم أقبلَ على أصحابِه فقال : أما كان فيكم رجلٌ رشيدٌ ، يقوم إلى هذا حيثُ رآني كففتُ يدي عن بيعتِه فيقتلُه ؟ . فقالوا : ما ندري يا رسولَ اللهِ ما في نفسِك ، ألا أَوْمأتَ إلينا بعَينِك ؟ قال : إنه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكونَ له خائنةُ الأعْيُنِ)

الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 4/301
خلاصة حكم المحدث: صحيح على شرط مسلم


موضع الشاهد: أن هذا الرجل الذي ارتد أصابه الندم على ما كان عليه من الردة، فلما أسلم أخذ يكثر من الصالحات تعويضاً عما فات،


فلما كانت الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما ترك الفتنة واعتزلها وسكن في عكا في أرض فلسطين، 


 ومكث حريصاً على الصلوات خوفاً من أن يختم له بسوء،
وقد ولاَّه عثمان رضي الله عنه على " مصر " ، وهو الذي قاد معركة " ذات الصواري " ، وقد غزا إفريقية ففتح كثيراً من مدنها ، واعتزل فتنة علي ومعاوية رضي الله عنهما ، ثم خرج إلى " الرملة " في " فلسطين " ، فلما كان عند الصبح قال " اللهم اجعل آخر عملي الصبح " فتوضأ ثم صلَّى فسلم عن يمينه ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه ،
وكان ذلك في سنة تسع وخمسين .

من موقع الإسلام سؤوال وجواب:


قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله:
"لم يتعدَّ ، ولا فعل ما يُنقم عليه بعدها – أي : بعد فتح مكة - ، وكان أحد عقلاء الرجال وأجوادهم "انتهى من" سير أعلام النبلاء " ( 3 / 34 ) .
ولينظر " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " لابن عبد البر ( 3 / 52 ) ، و " الإصابة في تمييز الصحابة " ( 4 / 110 ) .


ولم نقف على رواية صحيحة الإسناد أن عبد الله بن أبي سرح كان يحرِّف الوحي ، وإنما في قصته أنه " أزلَّه الشيطان أهـ " .

عن ابن عباسٍ في سورةِ النحلِ :( مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعدِ إِيْمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ إلى قولِهِ : لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيْمٌ فنسخَ واستثنى من ذلكَ ، فقالَ : ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِيْنَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ . قَالَ أبو عبدِ الرحمنِ : وهوَ عبدُ اللهِ بنُ سعدٍ ابنُ أبي سرحٍ ، الذي كانَ على مصرَ ، كانَ يكتبُ لرسولِ اللهِ ، فأزلَّهُ الشيطانُ ، فلحقَ بالكفارِ ، فأمرَ بهِ أنْ يقتلَ يومَ الفتحِ ، فاستجارَ له عثمانُ بنُ عفانٍ ، فأجارهُ رسولُ اللهِ)
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 4080-خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح





.فانظر كيف تقلب ثم استقر على خير حال،

 فالقلوب بين يدي الرحمن.وهذا -أبو طالب - كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحرب والسلم والسراء والضراء،

 وأقول: الحرب تجوزاً وإلا فلم يكن في مكة حرب، ومع ذلك لم يرزق الهداية، وقد
يرزقها رجل في أقاصي الأرض 

 كما قال الله: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [القصص:56]


نسأل الله لنا ولكم الثبات على هذا الدين.أهـ **

**************

الرحلة إلى الطائف


بعد ذلك رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يغيِّر البيئة -بيئة الدعوة- وأن يبحث عن قوم يقبلون الدعوة ويتبعونه على ما جاء به من عند الله -سبحانه وتعالى.


فلما أصرت قريش على أن تكون عقبة كؤودًا في سبيل الدعوة الإسلامية، 

 وآذى الرسول -صلى الله عليه وسلم- سفهاء القوم، وحالوا بينه وبين تبليغ رسالة ربه، فلا جرم فكر -صلى الله عليه وسلم- أن ينتقل بالدعوة إلى بيئة أخرى،


فيمَّم وجهه جهة الطائف حيث توجد ثقيف، عسى أن يجد منهم مَن ينصر الإسلام ويحمي الدعوة.


فخرج -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف في شوال في السنة العاشرة من النبوة، ومع مولاه زيد بن حارثة،


 فأقام بها مدة يدعو ثقيفًا إلى الله -سبحانه وتعالى- فلم يجد آذانًا صاغية.
وكان ممن قابلهم ثلاثة من أشرافهم: عبد ياليل، ومسعود، وحبيب، بنو عمرو بن عمير.


وكانوا سادة ثقيف وأشرافها، وكانت عندهم صفية بنت معمر القرشي، فجلس إليهم وكلمهم بما جاء له من نصرته على الإسلام والقيام معه على مَن خالفه من قومه.


فقال أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك.(يمرط: يعني ينزع كسوة الكعبة ويمزقها)، يعني أن ينفي أن يكون الله قد : بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم.


وقال الثاني أما وجد الله أحدًا غيرك يُرسلُه؟! حتى يبعث الله رسولًا ألم يجد غيرك يا محمد؟!


وأما الثالث فكان أعقل القوم، فقال: والله لا أكلمك أبدًا -لن أقول لك شيئًالئن كنتَ رسول الله لأنت أعظم خطرًا من أردَّ عليك، ولئن كنتَ تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك. أنا خائف أكلمك، ممكن تكون رسول الله حقًّا، فإذا كلمتكَ بسوءٍ انتقم الله مني، وأما إذا كنت كذَّاب فأنا لست مستعد أتكلم مع كذاب.



فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عندهم وقد يئس منهم، وقال لهم: «إن فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني»


 يعني ما دام أنكم رفضتم الدعوة فكل ما أرجوه ألا تقولوا أني جئت إليكم ولا عوتكم،كراهة أن يبلغ قومه عند مجيئهم، سيرجع مكة فيخاف أن الطائف يبلغوهم فيقابلونه بسوء، فيزداوا إيذاءً ولأصحابه،


 ولكن القوم كانوا لِآمًا فلم يفعلوا، بل أغروا به سفاءهم وعبيدهم يسبونه ويرمون عراقيبه بالحجارة حتى دميت عقباه، وتلطخت نعلاه، وسال دمه الزكي على أرض الطائف.

وزيد بن حارث مولاه يدرأ عنه ويدفع حتى أصيب هو في وجهه أيضًا بشجاج، وما زالوا بهما حتى ألجؤوهما إلى حائط -أي بستان- لعتبة وشيبة ابني ربيعة وهما في البستان، فكره مكانهما لعداوتهما الله ورسوله،  

ورجع عنه من سفهاء ثقيف مَن كان يتَّبعه، فعمد إلى ظل شجرة من عنب فجلس فيه هو وصاحبه زيد ريثما يستريحا من عنائهما وما أصابهما، وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف ولم يحركا ساكنا، ولعلهما كانا يتلذذان من هذا المشهد الذي شفا نفوسهما من الرسول -صلى الله عليه وسلم.


ولم يجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه اللحظات إلا أن يلجأ إلى الله -سبحانه وتعالى- بالدعاء، ويستغيثه ويستنصره، فلما رأى ابنا ربيعة ما لقيَ النبي -صلى الله عليه وسلم- ولعلهما سمعاه يدعو الله -سبحانه وتعالى- تحركت قلوبهما له، فدعوا غلمًا لهما نصرانيًّا يسمى"عَدَّاس"، فقالا له: خذ قطفًا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى هذا الرجل فقل له: كُلْ.


فلما وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الطبق يده قال: «بسم الله»، ثم أكل. فنظر عدَّاس في وجهه مستغربًا، من يقول بسم الله؟

ثم قال: والله ما هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال رسول الله له: «ومن أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟».فقال: نصراني، من أهل مِينْوَى.
 
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «من قرية الرجل الصالح يونس بن متَّى؟»، نبي الله المشهور.


فقال عدَّاس: وما يدريك ما يونس بن متَّى؟

فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «ذاك أخي، كان نبيًّا، وأنا نبي».


فأكبَّ عدَّاس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُقبِّل رأسه ويديه وقدميه.

فقال أحد ابني ربيعه لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده عليه، لما رأوا عدَّاس يفعل هذا مع الرسول، قالوا: هذا محمد أفسد علينا غلامنا.


فلما جاءهما عدَّاس، قالا له: ويلك يا عدَّاس، ما لك تُقبِّل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟
فقال: يا سيدي، ما في الأرض شيءٌ خيرٌ من هذا، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي.
قالا له: ويحك يا عدَّاس، لا يصرفنَّك عن دينك، فإن دينك خير من دينه.


أما عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ضعيف:

(اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلةَ حيلتي وهواني على الناسِ يا أرحمُ الرحمين إلى من تكلني إلى عدوٍّ يتَجهَّمُني أو إلى قريبٍ ملكتَه أمري, إن لم تكن ساخطًا عليَّ فلا أبالي غيرَ أن عافيتَك أوسعُ لي, أعوذُ بنورِ وجهِك الكريمِ الذي أضاءت له السماواتُ والأرضُ وأشرقت له الظلماتُ وصَلَحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرةِ, أن تُحِلَّ عليَّ غضبَك أو تُنزِلَ عليَّ سخطَك ولك العُتْبى حتى ترضى ولا حولَ ولا قوةَ إلا بك).

الراوي: عبدالله بن جعفر بن أبي طالب المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الجامع - الصفحة أو الرقم: 1182- خلاصة حكم المحدث: ضعيف



ثم غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الطائف وهو مهموم النفس، مكلوم الفؤاد، فلم يستفق إلا وهو بقرن الثعالب، فرفع رأسه فإذا هو بسحابة قد أظلته، فنظر فيها فإذا جبريل -عليه السلام.ولنستمع لرواية أمنا عائشة رضي الله عنها:


عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها 

(أنها قالتْ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : هل أتى عليك يومٌ أشدُّ من يومِ أُحدٍ ؟ قال : لقد لقيتُ من قومك ما لقيتُ، وكان أشدَّ ما لقيتُ منهم يومَ العقبةِ، إذ عرضت نفسي على ابنِ عبدِ ياليلِ بن عبدِ كلال، 

فلم يجبني إلى ما أردتُ، فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفقْ إلا وأنا بقرنِ الثعالبِ، 

فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتني، فنظرتُ فإذا فيها جبريلُ، فناداني فقال : إن اللهَ قد سمع قول قومِك لك، وماردوا عليك،

وقد بعث اللهُ إليك ملكَ الجبالِ، لتأمره بما شئتَ فيهم، فناداني ملكُ الجبالِ، فسلَّم عليَّ، ثم قال : يا محمدُ، فقال : ذلك فيما شئتَ، إن شئتَ أن أُطبقَ عليهم الأخشبَينِ ؟

 فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : بل أرجو أن يخرجَ اللهُ من أصلابهم من يعبد اللهَ وحده، لا يشركُ به شيئًا)


الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3231- خلاصة حكم المحدث: صحيح


هم في وادٍ به جبلين، آتي بجبل هكذا وجبل هكذا ويموتون وتكون مقبرة جماعية؟ انظر إلى رحمة النبي -عليه الصلاة والسلام- وشفقته بقومه على الرغم من الأذى الذي أصابوه به، 

 على الرغم من التعذيب والاضطهاد الذي لاقاه منهم، في لحظة التمكين منهم لم يُبادر بالانتقام، ولم يُبادر بالثأر، ولم يوافق على إهلاكهم -عليه الصلاة والسلام.


قال: «بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا».

**وهكذا يا إخواني يجب أن يكون الداعية، يجب أن يكون الداعية رحيمًا بالمدعوين رفيقًا  بهم، يتحمل الأذى منهم ولا يؤذيهم، يتحمل الظلم منهم ولا يظلمهم، 

 وحين يكون قادرًا على الانتقام منهم يعفو عنهم ويصفح؛ بل ولا يدعو عليهم؛ بل يدعو لهم.


**الداعية إذا أوذي من الناس لا يدعو عليهم؛ بل يدعو لهم كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام.


**وفي الطريق إلى مكة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- بنخلة قام من جوف الليل يصلي متهجدًا،

فمرَّ به نفرٌ من الجن وكانوا سبعة من جنِّ نِصِّبِين، فاستمعوا له، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، وقد قصَّ الله خبرهم على رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى:


 {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}‏ [الأحقاف 29-32].


**ورجع - صلى الله عليه وسلم- بعد رحلة الطائف إلى مكة، فأبت قريش أن يدخلها حنقًا عليه وغيظًا، أنت خرجت تستنصر علينا أهل الطائف؟!


وحاولوا أن يمنعوه من دخول مكة، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن الأريقط إلى الأخنس بن شُريك أن يُجيره -يدخل في جواره، يعني ينصره ويمنع قريشًا من الوقوف في وجهه وصدِّه عن دخول مكة- فقال: أنا حليف قريش، والحليف لا يُجير على صميمها.


 فبعث إلى سهيل بن عمرو ليُجيره، فقال: إن بني عامر لا تجير على بني كعب بن لؤي.


فبعث إلى المطعم بن عدي ليُجيره، فقال نعم. وافق المطعم أن يُجير النبي -عليه الصلاة والسلام.

قال المطعم: قُلْ له فليأتِ، فذهب إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبات عنده تلك الليلة، فلما أصبح خرج المطعم ومعه بنوه ستة أو سبعة رجال، متقلبي سيوف جميعًا، فدخلوا المسجد وقال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: طُفْ، واحتبوا بحمائل سيوفهم في المطاف، فأقبل سفيان بن حرب إلى المطعم فقال: أمجير أم تابع؟ أنت من أتباعه آمنت به أم أنك تحميه؟


فقال: بل مجير.-قال: إذن لا نخفر ذمَّتك، سنحترم عهدك ولا نخونك، ولا نغدر بك. فجلس معه حتى قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه.


وقد حفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- للمطعم بن عدي هذه اليد وهذا الجميل، -ولذلك لمَّا جاءه ابن جبير ليكلمه في أسرى بدر مع المشركين، قال: لو كان المطعم بن عدي حيًّا ثم كلمني في هؤلاء الناس لتركتهم له.


لما مات المطعم بعد هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة رثاه حسان بن ثابت بقصيدة مجازاة له على موقفه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم.


**إذن انتبهوا من الأحداث، مات أبو طالب، وماتت خديجة -رضي الله عنها خرج للطائف يدعوهم إلى قبول دعوته ونصرته وتمكينه من تبليغ رسالة ربه رفضوا،لا شك أن هذه الظروف كلها أحزنت الرسول -عليه الصلاة والسلام-

 فكان لازم من رحلة ترفيهية ترفه عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- وتعزيه، وتقول له: إن فقدت نصيرك من أهل الأرض، فإن الله -سبحانه وتعالى- هو نعم المولى ونعم النصير



فكانت رحلة الإسراء والمعراج.

 وإلى لقــــــــاء

*********
فقه السيرة شرح الشيخ عبد العظيم بدوي
 بتصرف يسير

----------

**الإسلام ويب بتصرف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق