السيرة (50) 1صفر 1436 هـ
متفرقات من حياة الصحابة
من كتاب صحيح السيرة للألباني
**الأعمى الذي عوتب فيه رسول الله صلى
الله عليه وسلم:
ويروى بكتب السيرة :
قال: ووقف الوليد بن
المغيرة فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله يكلمه، وقد طمع في
إسلامه.
فمرّ به ابن أم مكتوم:
عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة الأعمى، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل
يستقرئه القرآن، فشق ذلك عليه حتى أضجره، وذلك أنه شغله عما كان فيه من أمر الوليد
وما طمع فيه من إسلامه، فلما أكثر عليه انصرف عنه عابساً وتركه.
فأنزل الله تعالى : ﴿عبس وتولى. أن
جاءه الأعمى ﴾ إلى قوله: ﴿مرفوعة مطهرة﴾ [عبس:1-14].
*عن عائشة أم المؤمنين رضي
الله عنها
(أُنْزِلَ: عَبَسَ وَتَولَّى في ابنِ أمِّ
مَكْتومٍ الأعمى، أتى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فجعلَ يقولُ: يا
رسولَ اللَّهِ أرشِدني، وعندَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ رجلٌ من
عُظماءِ المشرِكينَ، فجعلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يُعرضُ عنهُ
ويُقبلُ على الآخَرِ، ويقولُ: أترى بما أقولُ بأسًا؟ فيقولُ: لا، ففي هذا أُنْزِلَ)
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي -
الصفحة أو الرقم: 3331- خلاصة حكم المحدث:
إسناده صحيح
وقد قيل: إن الذي كان يحدث رسول الله صلى الله
عليه وسلم حين جاءه ابن أم مكتوم: أمية بن خلف. فالله أعلم.[المستدرك]
عن علي رضي الله عنه قال:
قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم: قد نعلم
يا محمد! أنك تصل الرحم، وتصدق الحديث، ولا نكذبك، ولكن نكذب الذي جئت به. فأنزل
الله عز وجل:
﴿﴿قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون
فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون﴾ [الأنعام:36].
أخرجه الترمذي (5058)، والحاكم (2/315) وقال : ((صحيح على شرط الشيخين)).
ماوجدته:
قالَ أبو جَهْلٍ للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ
عليهِ وسلَّمَ : إنَّا لا نُكَذِّبُكَ ، ولَكِن نُكَذِّبُ ما جئتَ بِهِ ، فأنزلَ اللَّهُ
: فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: أحمد شاكر - المصدر:
عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/770-خلاصة حكم المحدث:
صحيح
نعود للمدينة : بكاء جزع الشجرة وحنينها للرسول صلى الله عليه وسلم:
(عن أبيِّ بنِ كعبٍ قال كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
يصلي إلى جذعِ نخلةٍ إذ كان المسجدُ عريشًا وكان يخطب إلى ذلك الجِذعِ فقال رجلٌ من
أصحابه يا رسولَ اللهِ هل لك أن نجعلَ لك مِنبرًا تقوم عليه يومَ الجمعةِ فتسمع الناسَ
خطبتَك قال نعم فصنع له ثلاثَ درجاتٍ هن اللاتي على المِنبرِ فلما صنع المنبرُ ووُضع
موضعَه الذي وضعه فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بدا للنبيِّ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ أن يقومَ على ذلك المنبرِ فيخطبُ عليه فمرَّ إليه فلما جاوز ذلك الجذعَ
الذي كان يخطب إليه خارَ حتى تصدَّعَ وانشقَّ فنزل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
لما سمع صوتَ الجذعِِ فمسحه بيدِه ثم رجع إلى المنبرِ وفي رواية فمسحه بيدِه حتى سكنَ
ثم رجع إلى المنبرِ وكان إذا صلَّى صلى إليه فلما هُدِمَ المسجدُ أخذ ذلك الجذعَ أبيُّ
بنُ كعبٍ رضي اللهُ تعالى عنه فكان عنده حتى بلِيَ وأكلَتْه الأَرَضَةُ وعاد رُفاتًا)
الراوي: أبي بن كعب المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية
والنهاية - الصفحة أو الرقم: 6/131
خلاصة حكم المحدث: [له]طرق تفيد القطع
رواية أخرى:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يقومُ يومَ
الجمعةِ إلى شجرةٍ أو نخلةٍ ، فقالت امرأةٌ من الأنصارِ ، أو رجلٌ : يا رسولَ اللهِ
، ألا نجعلُ لك منبرًا ؟ قال : ( إن شئتم ) . فجعلوا لهُ منبرًا ، فلمَّا كان يومَ
الجمعةِ دُفِعَ إلى المنبرِ ، فصاحت النخلةُ صياحَ الصبيِّ ، ثم نزل النبيُّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ فضَمَّهَا إليهِ ، تَئِنُّ أنينَ الصبيِّ الذي يُسَكَّنُ . قال
: ( كانت تبكي على ما كانت تسمعُ من الذِّكْرِ عندها ) .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة
أو الرقم: 3584- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
ومنبره صلى الله عليه وسلم بالجنة ’ وقال صلى الله عليه
وسلم:
(إنَّ قوائمَ مِنبري هذا رواتِبُ في الجنَّةِ)
الراوي: أم سلمة هند بنت أبي أمية المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي
- الصفحة أو الرقم: 695- خلاصة حكم المحدث: صحيح
(ما بين بيتي ومِنبري روضةٌ من رياضِ الجنةِ ، ومِنبري على
حوضِي)
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو
الرقم: 6588
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
أول مولود بالمدينة :عبد الله بن الزبير
عن علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن أسماء أنها هاجرت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى.
أنها حَمَلتْ بعبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ بمكَّةَ، قالَتْ
: فخرَجْتُ وأنا مُتِمٌّ، فأتَيْتُ المدينةَ فنزَلْتُ قُباءً، فولَدْتُ بقُباءٍ، ثم
أتَيتُ به رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فوضَعْتُه في حَجرِه، ثم دعا بتمرةٍ
فمَضَغَها، ثم تَفَل في فيهِ، فكان أولَ شيءٍ دخَل جوفَه رِيقُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّم، ثم حَنَّكَه بالتمرةِ، ثم دعا له وبرَّكَ عليه، وكان أولَ مولودٍ وُلِدَ
في الإسلامِ، ففَرِحوا به فرَحًا شديدًا، لأنهم قِيلَ لهم : إنَّ اليهودَ قد سَحَرَتْكم
فلا يُولَدُ لكم .
الراوي: أسماء بنت أبي بكر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة
أو الرقم: 5469- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وهوابن حواري رسول الله : الزبير بن العوام - ابن عمته صفية بنت عبد المطلب،
وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، أسلم وهو ابن ثمان سنين مع أمه
وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام-
أمه أسماء بنت أبي بكر, وجده
أبو بكر وخالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعا .
(ندب النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الناسَ يومَ الخندقِ
فانتدب الزبيرُ، ثم ندبهم فانتدبَ الزبيرُ، ثم ندبهم فانتدب الزبيرُ، فقال : ( لكلِّ
نبيِّ حواريٌّ، وحواريِّ الزبيرُ )) .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة
أو الرقم: 7261 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فلما ولدته كــَّبر المسلمون تكبيرة عظيمة فرحا بمولده لأنه كان قد بلغهم
عن اليهود أنهم سحروهم حتى لا يولد لهم بعد هجرتهم ولد، فأكذب الله اليهود فيما زعموا.
**ونأتي لزواج النبي صلى الله عليه وسلم بحبيبته عائشة أم
المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها بشهر شوال :
سبق ذكرنا عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهي بنت ست سنين
وتزوجها بالمدينة بنت تسع:
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها قالت:
(تزوَّجني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في شوالٍ
. وبنى بي في شوالٍ . فأيُّ نساءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان أحظى عندَه
مِنِّي ؟ قال : وكانت عائشةُ تستحبُّ أن تُدخِلَ نساءَها في شوالٍ ).
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة
أو الرقم: 1423
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ورواية أخرى عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
وأرضاها قالت:
(تزوجني النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا بنت ست سنين،
فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة، فأتتني
أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد
بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئا
من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقُلْن
: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا
رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومَئذ بنت تسع سنين ).
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة
أو الرقم: 3894- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وهي أحب نساءه إليه صلى الله عليه وسلم : عن عمرو بن العاص
رضي الله عنه قال :
(أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَثه على جيشٍ ذاتِ
السلاسِلِ، فأتيتَه فقُلْتُ : أيُّ الناسِ أحَبُّ إليك ؟ قال : ( عائشةُ ) . فقُلْتُ
: مَن الرجالُ ؟ فقال : ( أبوها ) . قُلْتُ : ثم مَن ؟ قال : ( عُمَرُ بنُ الخطابِ
) . فعَدَّ رجالًا) .
الراوي: عمرو بن العاص المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة
أو الرقم: 3662- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
**ونأتي لقصة الفارسي الذي ظل يبحث عن دين الله الحق
...نتركه يتحدث عن نفسه:
( كنتُ رجلًا فارسيًّا من أهلِ أصبهانَ من أهلِ قريةٍ منها
يقال لها : جيُّ وكان أبي دِهقانَ قريتِه وكنتُ أحبَّ خلقِ اللهِ إليه فلم يزلْ به
حبُّه إيايَ حتى حبسني في بيتِه أي ملازمُ النَّارِ كما تُحبس الجاريةُ وأجهدتُ في
المجوسيَّةِ حتى كنتُ قاطنَ النارِ الذي يوقدُها لا يتركها تخبُو ساعةً قال : وكانت
لأبي ضَيعةٌ عظيمةٌ قال فشغل في بنيانٍ له يومًا فقال لي : يا بُنيَّ إني قد شُغِلتُ
في بنيانٍ هذا اليومَ عن ضَيعتي فاذهبُ فاطلُعها وأمرني فيها ببعضِ ما يريدُ فخرجت
أريدُ ضَيعتَه فمررتُ بكنيسةٍ من كنائسِ النَّصارى فسمعتُ أصواتَهم فيها وهم يُصلُّون
وكنتُ لا أدري ما أمر الناسِ لحبسِ أبي إيايَ في بيتِه فلما مررتُ بهم وسمعتُ أصواتَهم
دخلتُ عليهم أنظرْ ما يصنعون قال : فلما رأيتُهم أعجبَتْني صلاتُهم ورغبتُ في أمرِهم
وقلتُ : هذا واللهِ خيرٌ من الدِّينِ الذي نحنُ عليه فواللهِ ما تركتُهم حتى غربتِ
الشَّمسُ وتركتُ ضَيعةَ أبي ولم آتِها فقلتُ لهم : أين أصلُ هذا الدِّينِ ؟ قالوا
: بالشَّامِ قال : ثم رجعتُ إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلتُه عن عملِه كلِّه قال فلما
جئتُه قال : أي بُنيَّ أين كنتَ ؟ ألم أكن عهدتُ إليك ما عهدتُ ؟ قال ؟ قلتُ : يا أبتِ
مررتُ بناسٍ يُصلُّونَ في كنيسةٍ لهم فأعجَبني ما رأيتُ من دينِهم فواللهِ ما زلتُ
عندهم حتى غربتِ الشَّمسُ قال : أي بُنيَّ ليس في ذلك الدِّينِ خيرٌ دينُك ودينُ آبائِك
خيرٌ منه قال : قلتُ : كلا واللهِ إنه خيرٌ من دينِنا قال : فخافَني فجعل في رجليَّ
قَيدًا ثم حبَسني في بيته قال : وبعثتُ إلى النَّصارى فقلتُ : لهم إذا قدم عليكم رَكبٌ
من الشامِ تجارٌ من النَّصارى فأخبروني بهم قال : فقدم عليهم رَكبٌ من الشامِ تجارٌ
من النَّصارى قال : فأخبروني بهم قال : فقلتُ لهم : إذا قضُوا حوائجَهم وأرادوا الرَّجعةَ
إلى بلادِهم فآذِنوني بهم قال : فلما أرادوا الرَّجعةَ إلى بلادِهم أخبروني بهم فألقيتُ
الحديدَ من رجليَّ ثم خرجتُ معهم حتى قدمتُ الشَّام فلما قدمتُها قلتُ : من أفضلُ أهلِ
هذا الدِّينِ قالوا : الأسقفُ في الكنيسةِ قال : فجئتُه فقلتُ : إني قد رغبتُ في هذا
الدينِ وأحببتُ أن أكون معك أخدمُك في كنيستِك وأتعلَّمُ منك وأصلِّي معك قال : فادخُلْ
فدخلتُ معه قال : فكان رجلَ سوءٍ يأمرُهم بالصدقةِ ويرغبُهم فيها فإذا جمعوا إليه منها
أشياءَ اكتنزه لنفسِه ولم يعطه المساكينَ حتى جمع سبعَ قِلالٍ من ذهبٍ وورقٍ قال :
وأبغضتُه بغضًا شديدًا لما رأيتُه يصنعُ ثم مات فاجتمعت إليه النصارى لِيدفنوه فقلتُ
لهم : إنَّ هذا كان رجلَ سوءٍ يأمركم بالصدقةِ ويرغبُكم فيها فإذا جئتُموه بها اكتنزَها
لنفسِه ولم يُعطِ المساكينَ منها شيئًا قالوا : وما علمُك بذلك ؟ قال : قلتُ : أنا
أدلُّكم على كنزِه قالوا : فدَلَّنا عليه قال : فأريتُهم موضعَه قال : فاستخرجُوا منه
سبعَ قِلالٍ مملوءةً ذهبًا وورقًا قال : فلما رأوها قالوا : واللهِ لا ندفنُه أبدًا
فصلبُوه ثم رجمُوه بالحجارةِ ثم جاؤوا برجلٍ آخرَ فجعلوه بمكانِه قال : يقول سلمانُ
: فما رأيتُ رجلًا لا يُصلِّي الخَمسَ أرى أنه أفضلَ منه أزهدَ في الدنيا ولا أرغبَ
في الآخرةِ ولا أدأبُ ليلًا ونهارًا منه قال : فأحببتُه حبًّا لم أُحبُّه من قبلَه
وأقمتُ معه زمانًا ثم حضرتْه الوفاةُ فقلتُ له : يا فلانُ إني كنتُ معك وأحببتُك حبًّا
لم أُحبُّه من قبلِك وقد حضرك ما ترى من أمرِ اللهِ فإلى من تُوصي بي ؟ وما تأمرُني
؟ قال : أيْ بُنيَّ ما أعلمُ أحدًا اليومَ على ما كنتُ عليه لقد هلك الناسُ وبدَّلوا
وتركوا أكثرَ ما كانوا عليه إلا رجلًا بالمَوصلِ وهو فلانٌ فهو على ما كنتُ عليه فالْحَقْ
به قال : فلما مات وغُيِّبَ لحقتُ بصاحبِ المَوصلِ فقلتُ له : يا فلانُ إنَّ فلانًا
أوصاني عند موتِه أن ألحقَ بك وأخبرَني أنك على أمرِه قال : فقال لي : أقِمْ عندي فأقمتُ
عنده فوجدتُه خيرَ رجلٍ على أمرِ صاحبِه فلم يلبثْ أن مات فلما حضرته الوفاةُ قلتُ
له : يا فلانُ إنَّ فلانًا أوصى بي إليكَ وأمرَني بالُّلحوقِ بك وقد حضرك من اللهِ
عزَّ وجلَّ ما ترى فإلى من تُوصي بي ؟ وما تأمرُني ؟ قال : أي بُنيَّ واللهِ ما أعلم
رجلًا على مثلِ ما كنا عليه إلا رجلًا بنَصيبينَ وهو فلانٌ فالْحقْ به قال : فلما مات
وغُيِّبَ لحقتُ بصاحبِ نصِيبينَ فجئتُه فأخبرتُه بخبري وما أمرَني به صاحبي قال : فأقِمْ
عندي فأقمتُ عندَه فوجدتُه على أمرِ صاحبَيه فأقمتُ مع خيرِ رجلٍ فواللهِ ما لبث أن
نزل به الموتُ فلما حضر قلتُ له : يا فلانُ إنَّ فلانًا كان أوصى بي إلى فلانٍ ثم أوصى
بي فلانٌ إليك فإلى من تُوصي بي ؟ وما تأمرُني ؟ قال : أيْ بُنيَّ واللهِ ما نعلم أحدًا
بقِيَ على أمرِنا آمرُك أن تأتيَه إلا رجلًا بعَمُوريَّةَ فإنه بمثلِ ما نحنُ عليه
فإن أحببتَ فأْتِه قال : فإنه على أمرِنا قال : فلما مات وغُيِّبَ لحقت بصاحبِ عَموريَّةَ
وأخبرتُه خبري فقال : أَقِمْ عندي فأقمتُ مع رجلٍ على هدْي أصحابِه وأمرِهم قال : واكتسبتُ
حتى كان لي بقَراتٌ وغُنَيمةٌ قال : ثم نزل به أمرُ اللهِ فلما حضر قلتُ له : يا فلانُ
إني كنتُ مع فلانٍ فأوصى بي فلانٌ إلى فلانٍ وأوصى بي فلانٌ إلى فلانٍ ثم أوصى بي فلانٌ
إليك فإلى من تُوصي بي ؟ وما تأمرُني ؟ قال : أيْ بُنيَّ واللهِ ما أعلمُه أصبحَ على
ما كنا عليه أحدٌ من الناسِ آمرُك أن تأتيَه ولكنه قد أظلك زمانُ نبيٍّ هو مبعوثٌ بدينِ
إبراهيمَ يخرج بأرضِ العربِ مهاجرًا إلى أرضٍ بين حَرَّتينِ بينهما نخلٌ به علاماتٌ
لا تَخفى يأكلُ الهديَّةَ ولا يأكلُ الصَّدقةَ بين كتِفَيه خاتمُ النُّبوَّةِ فإنِ
استطعتَ أن تلحقَ بتلك البلادِ فافعلْ قال : ثم مات وغُيِّبَ فمكثتُ بعمورِيَّةَ ما
شاء اللهُ أن أمكثَ ثم مرَّ بي نفرٌ من كلبٍ تُجَّارًا فقلتُ لهم : تحمِلوني إلى أرضِ
العربِ وأُعطيكم بقَراتي هذه وغُنيمَتي هذه قالوا : نعم فأعطيتُهموها وحمَلوني حتى
إذا قدِموا بي وادي القُرى ظلمُوني فباعوني من رجلٍ من اليهودٍ عبدًا فكنتُ عندَه ورأيتُ
النَّخلَ ورجوتُ أن تكون البلدُ الذي وَصفَ لي صاحبي ولم يحقْ لي في نفسي فبينما أنا
عنده قدِم عليه ابنُ عمٍّ له من المدينةِ من بني قُريظةَ فابتاعني منه فاحتملَني إلى
المدينةِ فواللهِ ما هو إلا أن رأيتُها فعرفتُها بصفةِ صاحبي فأقمتُ بها وبعث اللهُ
رسولَه فأقام بمكةَ ما أقام لا أسمعُ له بذكرٍ مع ما أنا فيه من شُغلِ الرِّقِّ ثم
هاجر إلى المدينةَ فواللهِ إني لفي رأسِ عذقٍ لسيدي أعملُ فيه بعضَ العملِ وسيدي جالسٌ
إذ أقبل ابنُ عمٍّ له حتى وقف عليه فقال : فلانٌ قاتَل اللهُ بني قَيلَةَ واللهِ إنهم
الآن لمُجتمعونَ بقُباءَ على رجلٍ قدِم عليهم من مكةَ اليومَ يزعمون أنه نبيٌّ قال
: فلما سمعتُها أخذتْني العرواءُ حتى ظننتُ أني سأسقطُ على سيدي قال : ونزلتُ عن النَّخلةِ
فجعلتُ أقولُ لابنِ عمِّه ذلك ماذا تقولُ ؟ ماذا تقول ؟ قال : فغضِب سيِّدي فلكَمني
لكمةً شديدةً ثم قال : مالكَ ولهذا ؟ أقبِلْ على عملِك قال : قلتُ : لا شيءَ إنما أردتُ
أن أستثْبتَ عما قال : وقد كان عندي شيءٌ قد جمعتُه فلما أمسيتُ أخذتُه ثم ذهبتُ به
إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو بقُباءَ فدخلتُ عليه فقلتُ له : إنه
قد بلغَني أنك رجلٌ صالحٌ ومعك أصحابٌ لك غُرباءُ ذَووا حاجةٍ وهذا شيءٌ كان عندي للصدقةِ
فرأيتُكم أحقَّ به من غيركِم قال : فقرَّبتُه إليه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّمَ لأصحابِه : كُلوا وأمسكَ يدَه فلم يأكلْ قال : فقلتُ : في نفسي هذه واحدةٌ
ثم انصرفتُ عنه فجمعتُ شيئًا وتحوَّل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى المدينةِ
ثم جئتُ به فقلتُ : إني رأيتُك لا تأكلُ الصَّدقةَ وهذه هديةٌ أكرمتُك بها قال : فأكل
رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منها وأمر أصحابَه فأكَلوا معه قال : فقلتُ
: في نفسي هاتان اثنتانِ ثم جئتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو ببقيع
الغرقدِ قال : وقد تبع جنازةً من أصحابِه عليه شَملتانِ له وهو جالسٌ في أصحابه فسلَّمتُ
عليه ثم استدرتُ أنظرُ إلى ظهرِه هل أرى الخاتَمَ الذي وَصف لي صاحبي ؟ فلما رآني رسولُ
اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ استدرتُه عرف أني استثْبتُ في شيءٍ وُصِف لي قال
: فألقى رداءَه عن ظهرِه فنظرتُ إلى الخاتمِ فعرفتُه فانكببتُ عليه أُقبِّلُه وأبكي
فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : تحوَّلْ فتحوَّلتُ فقصصتُ عليه حديثي
كما حدَّثتُك يا ابنَ عباسٍ قال : فأعجب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن
يسمع ذلك أصحابُه ثم شغل سلمانُ الرِّقَّ حتى فاته مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّمَ بدرٌ وأُحُدٌ قال : ثم قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : كاتِبْ
يا سلمانُ فكاتبتُ صاحبي على ثلاثمائةِ نخلةٍ أُحيبها له بالفقيرِ وبأربعينَ أُوقيَّةً
فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأصحابه : أَعينُوا أخاكم فأعانُوني بالنَّخلِ
الرجلُ بثلاثين ودِيَّةً والرجلُ بعشرين والرجلُ بخمسَ عشرةَ والرجلُ بعشرٍ يعنى الرجلَ
بقدرِ ما عنده حتى اجتمعَتْ لي ثلاثمائةِ وَدِيَّةٍ فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ
عليهِ وسلَّمَ اذهبْ يا سلمانُ ففقِّرْ لها فإذا فرغْتَ فائتِني أكون أنا أضعُها بيديَّ
ففقَّرتُ لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغتُ منها جئتُه فأخبرتُه فخرج رسولُ اللهِ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ معي إليها فجعلْنا نُقرِّبُ له الوَدِيَّ ويضعُه رسولُ اللهِ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيدِه فوالذي نفسُ سلمانَ بيدِه ما ماتتْ منها وَدِيَّةٌ واحدةٌ
فأدَّيتُ النَّخلَ وبقِيَ عليَّ المالُ فأُتِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
بمثلِ بيضةِ الدَّجاجةِ من ذهبٍ من بعضِ المغازي فقال : ما فعل الفارسيُّ المُكاتَبُ
قال : فدُعيتُ له فقال : خُذْ هذه فأدِّ بها ما عليك يا سلمانُ فقلتُ : وأين تقعُ هذه
يا رسولَ اللهِ مما عليَّ ؟ قال : خُذْها فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سُيؤدِّى بها عنك
قال : فأخذتُها فوزنتُ لهم منها والذي نفسُ سلمانَ بيدِه أربعينَ أُوقيَّةً فأوفيتُهم
حقَّهم وعُتِقتُ فشهدتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الخندقَ ثم لم يَفُتْني
معه مشهدٌ)
الراوي: سلمان الفارسي المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة
أو الرقم: 2/556- خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
ونتوقف عند موت أسعد بن زرارة كان ممن بايع النبي ضلى الله عليه وسلم
وفاة أسعد بن زرارة : من موقع قصة الإسلام:
قال محمد بن إسحاق: وتوفي في تلك الأشهر -أي بعد الهجرة
مباشرة- أبو أمامة أسعد بن زرارة والمسجد يبنى -أي مسجد الرسول ، أخذته الزبحة أو الشهقة،
رحمه الله ورضي عنه.
وذكر الواقدي أنه مات على رأس أشهر من الهجرة رواة الحاكم
في المستدرك من طريق الواقدي عن أبي الرجال، وفيه جاء بنو النجار فقالوا: يا رسول الله
مات نقيبنا فنقب علينا, فقال: "أنا نقيبكم".
وقال البغوي أنه أول من مات من الصحابة بعد الهجرة وأنه
أول ميت صلّى عليه النبي , وروى الواقدي من طريق عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال: أول
من دفن بالبقيع أسعد بن زرارة, وهذا قول الأنصار.
وأما المهاجرون فقالوا: أول من دفن به عثمان بن مظعون.أهـ
النقل
عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك
(كُنتُ قائدَ أبي حينَ ذَهَبَ بصرُهُ ، فَكُنتُ إذا خَرجتُ
بِهِ إلى الجمعةِ فسمِعَ الأذانَ استَغفرَ لأبي أُمامةَ أسعدَ بنِ زُرارةَ ، ودعا لَهُ
، فمَكَثَتُ حينًا أسمعُ ذلِكَ منهُ ، ثمَّ قُلتُ في نَفسي: واللَّهِ إنَّ ذا لعَجزٌ
، إنِّي أسمعُهُ كلَّما سمعَ أذانَ الجمعةِ يستغفِرُ لأبي أُمامةَ ويصلِّي عليهِ ،
ولا أسألُهُ عن ذلِكَ لمَ هوَ ؟ فخَرجتُ بِهِ كما كنتُ أخرجُ بِهِ إلى الجمُعةِ ، فلمَّا
سمعَ الأذانَ استغفَرَ كما كانَ يفعَلُ ، فقُلتُ لَهُ: يا أبتاهُ ، أرأيتَكَ صلاتَكَ
على أسعَدَ بنِ زُرارةَ كلَّما سَمِعتَ النِّداءَ بالجمعةِ لمَ هوَ ؟ قالَ: أي بُنَيَّ
، كانَ أوَّلَ من صلَّى بنا صلاةَ الجمُعةِ قبلَ مَقدَمِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ
عليهِ وسلَّمَ من مَكَّةَ ، في نقيعِ الخضَماتِ ، في هزمٍ مِن حرَّةِ بَني بياضةَ ،
قُلتُ: كَم كنتُمْ يومئذٍ ؟ قالَ: أربعينَ رجلًا)
الراوي: عبدالرحمن بن كعب بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن
ماجه - الصفحة أو الرقم: 893- خلاصة حكم المحدث: حسن
المراجع
صحيح السيرة للألباني
كتاب السيرة النبوية لمحمد الصوياني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق