28رجب1435
(42)
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة
من البداية والنهاية
قال
ابن إسحاق: وأقام رسول الله بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في
الهجرة ولم يتخلف معه بمكة إلا من حبس أو فتن،
إلا
علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهما وكان أبو بكر كثيراً ما
يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فيقول له: ((لا تعجل لعل
الله يجعل لك صاحباً)) فيطمع أبو بكر أن يكون.
فلما
رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير
بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد )3/215نزلوا داراً وأصابوا منهم منعة. (ج/ص:
**الاجتماع بدار الندوة وفيه مقال**
فحذروا
خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم،
فاجتمعوا
له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمراً إلا فيها -
يتشاورون فيما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه.
قال ابن إسحاق: فحدثني من لا
أتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر، عن عبد الله بن عباس،
وغيره مما لا أتهم عن عبد الله بن عباس.
قال:
لما اجتمعوا لذلك واستعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم، غدوا في اليوم الذي استعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم
الزحمة، فاعترضهم إبليس لعنه الله في صورة شيخ جليل عليه بتلة فوقف على باب الدار
فلما رأوه واقفاً على بابها قالوا: من الشيخ؟
قال:
شيخ من أهل نجد سمع بالذي اجتمعتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم
منه رأياً ونصحاً.
قالوا:
أجل فادخل، فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش عتبة، وشيبة ابنا ربيعة، وأبو
سفيان، وطعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم بن عدي، والحارث بن عامر بن نوفل، والنضر بن
الحارث وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، وأبو جهل بن هشام،
ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وأمية بن خلف، ومن كان منهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن
هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإننا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن
قد اتبعه من غيرنا، فاجمعوا فيه رأياً،
قال:
فتشاوروا ثم قال قائل منهم: - قيل إنه أبو البختري بن هشام - احبسوه في الحديد
وأغلقوا عليه باباً ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله
زهيراً والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم.
فقال الشيخ النجدي: لا
والله ما هذا لكم برأي والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب
هذا الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، ثم
يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي.
فتشاوروا
ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا فإذا خرج عنا فوالله ما
نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذاغاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا )3/216وأُلفتنا كما كانت. (ج/ص:
قال الشيخ النجدي: لا
والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال
بما يأتي به؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على حي من العرب، فيغلب عليهم
بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم فيأخذ
أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، أديروا فيه رأيا غير هذا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله
إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا:
وما هو يا أبا الحكم؟
قال:
أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتىً شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ثم نعطي كل فتى
منهم سيفاً صارماً، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح
منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعها، فلم يقدر بنو عبد مناف على
حرب قومهم جميعاً. فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم(الدية)،
قال: الشيخ النجدي: القول
ما قال الرجل هذا الرأي ولا رأي غيره فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبرائيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: لا تبت هذه
الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
قال:
فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه، فلما رأى
رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم
قال لعلي بن أبي طالب: ((نم على فراشي وتسج ببردي هذا
الحضرمي الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم))، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
**وهذه
القصة التي ذكرها ابن إسحاق قد رواها الواقدي بأسانيده عن عائشة وابن عباس وعلي
وسراقة بن مالك بن جعشم وغيرهم دخل حديث بعضهم في بعض فذكر نحو ما تقدم.
قال ابن إسحاق: فحدثني
يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي.
قال:
لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل قال - وهم على بابه -: إن محمداً يزعم أنكم إن
تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان
كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان فيكم ذبح ثم بعثتم بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار
تحرقون فيها.
قال:
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: ((نعم
أنا أقول ذلك، أنت أحدهم))، وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر
ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات:
{يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ
الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} إلى قوله: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ
سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 1-9]. (ج/ص:
3/217). والقصة لاتصح
قال الشيخ أكرم ضياء العمري في كتابه :السيرة النبوية الصحيحة
رويت بمسند أحمد بإسناد ضعيف لكنه صالح للاعتبار – وحسنه ابن كثير
في البداية والنهاية وقال هو أجود مايكون في قصة نسج العنكبوت على فم الغار-حسنه
ابن حجر
ولم يصححها كثير من العلماء
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه كثيرا ما
يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة
فكان أبو بكر يطمع أن يكون هو الصاحب لرسول الله صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ
فاشترى راحلتين وأخذ يعلفهما مدة أربعة أشهر كما ذكر ابن هشام وغيره في السيرة.
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: « فأمَّا أبو بَكرٍ
فإنَّ الرَّسولَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قال له حينَ استأذنَهُ ليُهاجِرَ :
لا تعجَلْ ، لعلَّ اللَّهَ أن يجعَلَ لك صاحِبًا ».
الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم:
160
خلاصة حكم المحدث: بدون إسناد: لكن معناه فيما أخرجه البخاري
أخبره جبريل أن قريش تكيد لقتله ثم جاء الإذن من الله
تبارك وتعالى لنبيه -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- بالهجرة
وفي ذلك يقول الله
-تبارك وتعالى:
{وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أو يَقْتُلُوكَ أو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]
وبدأ الاستعداد للهجرة:
(عن عائِشةَ رضي الله عنها، أنَّها قالَتْ : كان لا
يُخْطِىءُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يأتِيَ أبي بكرٍ أحدَ طرفَيِ
النهارِ : إما بكرَةً ، وإمَّا عشيًّا ، حتى إذا كان اليومُ الذي أذِنَ اللهُ فيه
لرسولِهِ في الهجرةِ والخروجِ من مكةَ منْ بينِ ظهرَيْ قومِهِ ، أتانا رسولُ اللهِ
صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالهاجرةِ في ساعَةِ كان لا يأتِي فيها .
قالتْ : فلما رآهُ أبو بكرٍ قال : ما جاءَ رسولُ اللهِ
صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذِهِ الساعَةِ إلَّا لِأَمْرٍ حدث . فلما دخلَ
تأخَّرَ لَهُ أبو بكْرٍ عن سريرِهِ ، فجلَسَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وليس عندَ رسولِ اللهِ أحدٌ إلَّا أنا وأختي أسماءُ ،
فقال رسولُ
اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : أخرِجْ عني مَنْ عندَكَ ، قال : يا رسولَ اللهِ ، إِنَّما هما ابنتايَ . وما ذاكَ - فِداكَ
أبي وأمي - قال : إِنَّ اللهَ أذِنَ لي بالخروجِ والهجرةِ . فقال أبو بكرٍ : الصحبةُ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : الصحبَةُ .
قالَتْ
عائِشَةُ : فواللهِ ما شعَرْتُ قطُّ قبلَ ذلِكَ اليومِ أنَّ أحدًا يبكي من الفرحِ
حتى رأيتُ أبا بكر يومئذ يبكي ! ! . ثُمَّ قال : يانبي الله إِنَّ هاتينِ
الراحلتينِ كنتُ أعددتُهما لهذا ، فاستأجرا عبدَ اللهِ ابنَ أريقطٍ – وهو مشركٌ –
يدلُهما على الطريقِ . ودفعا إليه راحلتَيْهما فكانتا عندَه يرعاهُما لميعادِهما ).
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة -
الصفحة أو الرقم: 160
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح، وأخرجه البخاري مع شيء من الاختصار
كيف كانت خطة النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة
*بات علي رضي الله عنه بفراشه
*اتجه جنوبا (للتمويه) لغار ثور والمدينة شمالا
*استأجر وأبو بكر خِريتا(العالم بالطريق) عبدَ اللهِ ابنَ أريقطٍ واستأمناه
رغم أنه على دين قريش وقابلهما بالراحلتين في الميعاد
*قبل النبي صلى الله عليه وسلم الراحلة بالثمن
*أسماء بنت أبي بكر زودتهما بالطعام
*عبد الله بن أبي بكر يبيت معهم ويصبح بمكة يستطلع
الأخبار ويعود لهما بها
*عامر بن فهيرة مولى لأبي بكر رضي الله عنه يرعى الغنم
حول الغار ليزودهما باللبن ويطمس وغنمه أثر الأقدام
وهنا الحنين إلى الوطن
(وقفَ النبيُّ صلى الله عليه وعلى
آله وسلم على الحزورةِ فقال : علمتُ أنكِ خيرُ أرضِ اللهِ ، وأحبُّ الأرضِ إلى
اللهِ ، ولوْلا أنَّ أهلَكِ أخرَجُوني مِنكِ ما خرجتُ
الراوي: أبو هريرة المحدث: الوادعي - المصدر:
أحاديث معلة - الصفحة أو الرقم: 438-خلاصة حكم المحدث: ظاهر إسناده في غاية من
الصحة ، ولكن معمرا قد خالف أوثق الناس في الزهري فرواية معمر تعتبر شاذا
- صححه المحدث :ابن عبد البر
الحديث :
(هاجر ناس إلى الحبشة من المسلمين ، وتجهز أبو بكر
مهاجرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي ) .
فقال أبو بكر : أوترجوه بأبي أنت ؟ قال : ( نعم ) . فحبس أبو بكر نفسه على النبي
صلى الله عليه وسلم لصحبته ، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر .
قال عروة : قالت عائشة : فبينا نحن يوما جلوس في بيتنا
في نحر الظهيرة ، فقال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا
متقنعا ، في ساعة لم يكن يأتينا فيها ، قال أبو بكر : فدى له بأبي وأمي ، والله إن
جاء به في هذه الساعة لأمر ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل ،
فقال حين دخل
لأبي بكر : ( أخرج من عندك ) . قال : إنما هم أهلك
بأبي أنت يا رسول الله .
قال : ( فإني قد أذن لي في الخروج ) . قال : فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال : ( نعم ) .
قال : فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين ،
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بالثمن ) .
قالت : فجهزناهما أحث الجهاز ، وضعنا لهما سفرة في جراب
، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ، فأوكت به الجراب ، ولذلك كانت تسمى
ذات النطاقين .
ثم لحق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل
يقال له ثور ، فمكث فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب لقن ثقف ، فيرحل من عندهما سحرا ، فيصبح مع قريش بمكة
كبائت ، فلا يسمع أثرا يكادان به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط
الظلام ،
ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم ،
فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء ، فيبيتان في رسلها حتى ينعق بها عامر بن
فهيرة بغلس ، يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث ).
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: 5807-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
ولننظر لرعاية أبو بكر الصديق رضي الله عنه وحرصه على
النبي صلى الله عليه وسلم:
(أنَّ أبا بَكْرٍ ليلةَ انطلقَ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ
وسلَّمَ إلى الغارِ كانَ يمشي بينَ يديهِ ساعةً ومن خلفِهِ ساعةً فسألَهُ فقالَ
أذكرُ الطَّلبَ فأمشي خلفَكَ وأذكرُ الرَّصَدَ فأمشي أمامَكَ فقالَ لو كانَ شيءٌ
أحببتَ أن تُقتلَ دوني قالَ أي والَّذي بعثَكَ بالحقِّ فلمَّا انتَهَيا إلى الغارِ
قالَ مَكانَكَ يا رسولَ اللَّهِ حتَّى أستبرئَ لَكَ الغارِ فاستبرأَهُ)
الراوي: محمد بن سيرين المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح
الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 7/279
خلاصة حكم المحدث: مرسل – ذكره ابن كثير :جزء من حديث طويل-وقال: إسناده غريب من هذا الوجه ولكن له شواهد كثيرة من
وجوه أخر
ابن تيمية : جزء من حديث
طويل - المصدر: منهاج السنة - الصفحة أو الرقم: 4/156-خلاصة حكم المحدث:
من أشهر الأحاديث
وجاء المشركون حين فقدوا
الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما طلع الصبح وجدوا
عليًّا، فعلموا أن الرسول قد نجا، فأرادوا أن يدركوه قبل أن يصل إلى
المدينة، فتفرقوا يمينًا وشمالًا حتى انتهوا إلى باب الغار الذي فيه الرسول
وصاحبه، ووقفوا يتحدثون.
وقال
أبو بكر: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا.
فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم
«يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟»،
كيف تخاف يا أبا بكر وربنا معنا. وفي هذا نزل قول رب العالمين
{إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ
نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ
هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا
فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا}
[التوبة: 40].
وقوله تعالى {بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} تدل على ضعف ما يُروى أن العنكبوت نسجت والحمامة باضت، لأن نسج
العنكبوت والحمامة التي باضت هذه أشياء مرئية، وربنا يقول: {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ
الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].
وإليكم الحديث:
عن أبو بكر الصديق رضي الله عنه (كنتُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّم في الغارِ ، فرأَيتُ آثارَ المُشرِكينَ ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، لو
أنَّ أحدَهم رفَع قدمَه رآنا ، قال : ( ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما ) .
الراوي:
أبو بكر الصديق المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4663-خلاصة
حكم المحدث: [صحيح]
فلبث -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبو بكر في الغار
ثلاث ليالٍ حتى هدأ الطلب
وبدأت الرحلة المباركة النبي صلى
الله عليه وسلم وابو بكر وعامر بن فهيرة رضي الله عنهما والدليل عبد الله بن أريقد
اتجهوا ناحية الساحل
ومن الآيات للنبي صلى الله عليه
وسلم تأييدا من الله سبحانه بالطريق:
(أنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ – حين أُخرجَ من مكةَ ؛ خرج مهاجرًا إلى المدينةِ : هو وأبو
بكرٍ، ومولى أبي بكرٍ عامرُ بنُ فُهَيرَةَ، ودليلُهما عبدُ اللهِ الليثيُّ ؛
مرُّوا على خيمتي أمِّ معبدٍ، فسَألوها لحمًا وتمرًا ليشتروا منها، فلم يُصيبوا
عندَها شيئًا من ذلكَ،وكان القومُ مُرمِلينَ مُسنِتينَ،
فنظر رسولُ اللهِ - صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ – إلى شاةٍ في كسرِ الخيمةِ، فقال :ما هذه الشاةُ يا أمَّ
معبدٍ ؟ !، قالت : شاةٌ خلَّفها الجهدُ عن الغنمِ، قال : هل بها منْ لبنٍ ؟، قالت
: هي أجهدُ من ذلكَ،
قال : أتأْذنينَ لي أن
أحلُبَها ؟، قالتْ : بأبي أنتَ وأمِّي ! إن رأيتَ بها حلبًا فاحلُبْها، فدعا بها
رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ –، فمسح بيدهِ ضَرعَها، وسمى اللهَ –
تعالى -، ودعا لها في شاتِها، فتفاجَّت عليهِ، ودرَّت واجترَّت، فدعا بإناء يربضُ
الرهطُ، فحلب فيهِ ثجًّا، حتى علاهُ البهاءُ، ثمَّ سقاها حتى رَوِيتْ، وسقى
أصحابَهُ حتى رَوَوْا، ثمَّ شرب آخرُهم، ثمَّ حلب فيه ثانيًا بعدَ بدءٍ، حتى ملأَ
الإناءَ، ثمَّ غادرهُ عندَها وبايعَها، وارتحَلوا عنها)
الراوي: حبيش بن خالد المحدث:
الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 5886
خلاصة حكم المحدث: قد يرتقي
الحديث إلى الحسن أو الصحة بطرق
قصة فيها معجزة للنبي -عليه الصلاة والسلام
مع سراقة بن مالك
- قريش لما خرج الرسول من بينها ويئست منه عضَّت أصابع الندم، كيف خرج
من بينهم ولم ينتبهوا؟!
فهم يريدون أن يأتون به بأي وسيلة، فأعلنوا في الناس مَن يأتي بمحمد
حيًّا أو ميتًا فله مئة ناقة مكافأة، مَن يأتينا بمحمد ولو حتى ميتًا له مئة ناقة،
فطبعًا مئة ناقة شيء مغري، فجعلت الناس يتنافسون في أن يبحثوا عن محمد وصاحبه
ويأتوا بهما ليأخذوا هذا الجُعْل -وهو المئة ناقة
الحديث:
عن سراقة
بن مالك بن جعشم :(جاءنا رسل
كفار قريش ، يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، دية كل واحد منهما
، لمن قتله أو أسره ، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس بني مدلج ، أقبل رجل منهم
، حتى قام علينا ونحن جلوس ، فقال يا سراقة : إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل ،
أراها محمدا وأصحابه ،
قال سراقة : فعرفت أنهم هم ،
فقلت له : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلانا وفلانا ، انطلقوا بأعيينا ، ثم لبثت في المجلس ساعة ، ثم قمت فدخلت
، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة ، فتحبسها علي ، وأخذت رمحي ،
فخرجت به من ظهر البيت ، فحططت بزجه الأرض ، وخفضت عاليه ، حتى أتيت فرسي فركبتها
، فرفعتها تقرب بي ،
حتى دنوت منهم ، فعثرت بي فرسي
، فخررت عنها ، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي ، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها
: أضرهم أم لا ، فخرج الذي أكره ،
فركبت فرسي ، وعصيت الأزلام ،
تقرب بي حتى سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت ، وأبو بكر
يكثر الالتفات ، ساخت يدا فرسي في الأرض ، حتى بلغتا الركبتين ، فخررت عنها ، ثم
زجرتها فنهضت ، فلم تكد تخرج يديها ، فلما استوت قائمة ، إذا لأثر يديها عثان ساطع
في السماء مثل الدخان ، فاستقسمت بالأزلام ، فخرج الذي أكره ،
فناديتهم بالأمان فوقفوا ، فركبت فرسي حتى
جئتهم ، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم ، أن سيظهر أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم . فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك الدية ،
وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس
بهم ، وعرضوا عليهم الزاد والمتاع ، فلم يرزآني ولم يسألاني ، إلا أن قال : ( أخف
عنا ) . فسألته أن يكتب لي كتاب أمن ، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ،
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
فلم
يرزآني : لم يأخذوا مني شيء
الراوي: سراقة بن مالك بن جعشم المحدث:
البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3906-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
منقول بتصرف
البداية والنهاية
كتاب السيرة النبوية الصحيحة (للإستدلال)
نور اليقين بسيرة سيد المرسلين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق