بسم الله الرحمن
الرحيم
18ذي القعدة1434
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به،
ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن وسيئات أعمالنا من يهدي الله
تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]،
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 71، 72].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]،
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 71، 72].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،
وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
أما بعد: استعرضنا نسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
أما بعد: استعرضنا نسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
فشهد للنبي صلى الله عليه وسلم أنه صاحب نسب صلى الله عليه وسلم
قال الإمام ابن القيم اسم الرسول صلى الله عليه وسلم:
محمد فهو محمود عند الله ومحمود عند ملائكته،
ومحمود عند إخوانه من المرسلين،
ومحمود عند أهل الأرض كلهم أجمعين، فهذا نسب النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
قال الإمام ابن القيم اسم الرسول صلى الله عليه وسلم:
محمد فهو محمود عند الله ومحمود عند ملائكته،
ومحمود عند إخوانه من المرسلين،
ومحمود عند أهل الأرض كلهم أجمعين، فهذا نسب النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وبعد أن عرفنا النسب الشريف، نريد
نستوضح
هل
النسب ينفع صاحبه إن لم يكن معه إيمان أو عمل صالح؟
من فقه
السيرة
د. عبد
العظيم بدوي
نقول ، النسب له مكانته عند العرب قبل الإسلام، وقد كان النسب والحسب هو
المقدم على كل شيء،
فلما جاء الإسلام أراد أن ينزع منهم الفخر بالحسب والنسب، وأن يبين
لهم أن منزلة الناس عند الله -سبحانه وتعالى- إنما هي بالإيمان والدين.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ
وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]،
وبينما النبي -عليه الصلاة
والسلام- جالسًا يومًا وعنده رجل :
)مرَّ رجلٌ على رسولِ اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم، فقال لرجلٍ عِندَه جالسٌ : ما رأيُك في هذا ) . فقال : ( رجلٌ
من أشرافِ الناسِ، هذا واللهِ حرِيٌّ إن خطَب أن يُنكَحَ، وإن شفَع أن يُشَفَّعَ،
قال :
فسكَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثم مرَّ
رجلٌ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( ما رأيُك في هذا ) . فقال
: يا رسولَ اللهِ، هذا رجلٌ من فُقَراءِ المسلمينَ، هذا حَرِيٌّ إن خطَب أن لا
يُنكَحَ، وإن شفَع أن لا يُشَفَّعَ، وإن قال أن لا يُسمَعَ لقولِه، فقال رسولُ
اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مصححًا للمفاهيم- :
( هذا خيرٌ من مِلءِ الأرضِ مثلِ هذا ) .
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: 6447-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فلما نزع النبي -صلى الله عليه وسلم-
من قلوب أصحابه الفخر بالحسب والنسب وتقدير الناس وتقييمهم بهذا الميزان، ورَسخ
الميزان صحيح
بأن {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ}،
بعد ذلك بين أن الحسب والنسب لا شك أن
له أثر في حياة الناس، وله قيمة في حياة الناس إذا صاحَبه الإيمان والتقوى.
ولذلك جاء في الحديث: « من نفَّسَ عن مؤمنٍ
كُربةً من كُرَبِ الدنيا ، نفَّسَ اللهُ عنه كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ .
ومن
يسّرَ على معسرٍ ، يسّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرةِ .
ومن سترَ مسلمًا ، ستره
اللهُ في الدنيا والآخرةِ .
واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه .
ومن سلكَ طريقًا يلتمسُ فيه علمًا ، سهَّل اللهُ له به طريقًا إلى الجنةِ .
وما
اجتمعَ قومٌ في بيتِ من بيوتِ اللهِ ، يتلون كتابَ اللهِ ، ويتدارسونه بينهم ، إلا
نزلتْ عليهم السكينةُ ، وغشيتْهم الرحمةُ وحفّتهم الملائكةُ ، وذكرَهم اللهُ فيمن
عنده .
ومن بطّأ به عملُه ، لم يسرعْ به نسبُه (الشاهد).
غيرَ أن حديثَ أبي
أسامة ليس فيه ذكرُ التيسيرِ على المعسرِ .
الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم -
الصفحة أو الرقم: 2699 - خلاصة حكم المحدث:
صحيح »
أي من لم يعمل فلن ينفعه نسبه
أي من لم يعمل فلن ينفعه نسبه
، وفي القرآن الكريم قال الله
تعالى:
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101].
ننتقل بعد ذلك إلى العنصر الثاني وهو:
ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم
من
المعلوم المشهور عند الصغير والكبير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولد عام الفيل
فقبل أن نتحدث عن
ميلاده -عليه الصلاة والسلام-
ينبغي أن نعرف ما هو عام
الفيل؟ وما هو هذا الفيل؟ وما قصته؟ وما الواقعة والحادثة التي نسب إليها هذا
العام -عام الفيل؟
قصة الفيل قصة مشهورة أرَّخ بها العرب
لدلالتها على مزيد عناية الله تعالى ببيته الحرام،
ذلك أن أبرهة الحبشي لما غلب
على بلاد اليمن، ورأى الناس يقصدون زرافات ووحدانًا، ورجالًا وركبانًا الكعبةَ
البيت الحرام،
قال أبرهة: إلامَ يقصدون؟ أين يذهب هؤلاء؟ الناس كل موسم يذهبون، كل
شهر مسافرون، أين يذهبون؟
قالوا: إلى الكعبة بمكة يحجون.
قال:
مما هو؟
قالوا:
بيت من الحجارة.
قال:
وما كسوته؟
قالوا:
ما يأتي هاهنا من الوصائل.
الوصائل: ثياب مخططة يمانية كانت تُكسى بها الكعبة قديمًا.
قال: لأبنينَّ
بيتًا خيرًا من هذا البيت، فأراد أبرهة أن يبني بيتًا يصرف به
الناس عن قصد البيت الحرام للحج والعمرة.
قال: لأبنينَّ بيتًا خيرًا منه، فبنى لهم
كنسية بصنعاء، وتفنن في بنائها وتزيينها، وسمى هذه الكنيسة "القُلِّيس"،
وقصد بها صرف العرب عن التوجه إلى الكعبة.
فعمد أعرابي من العرب أخذته الغيرة
على الكعبة بيت الله الحرام، فذهب إلى هذه الكنيسة فقضى حاجته في داخلها، تغوط
فيها،
فلما علم أبرهة بهذا الفعل استشاط غضبًا، وعزم على هدم الكعبة، وسار في جيش
جرار عظيم لا قِبَل لأهل مكة ولا للعرب كلهم به،
أراد أن يهدم الكعبة.
-فتعرض له في الطريق بعض قبائل العرب،
ولكنه تغلب عليهم، غلبهم، فقتل من قتل منهم، وأسر من أسر.
وعند مشارف مكة وجدوا إبلًا لعبد
المطلب بن هاشم، فاستاقوها وأخذوها، فذهب عبد المطلب إلى أبرهة، وكان عبد المطلب
وسمًا جميلًا تعلوه المهابة والوقار، فأبرهة عظَّم شأنه وقدَّره، وأنزله منزلته
وأكرمه.------خير يا عبد المطلب، لماذا جئتَ؟
قال:
أنا جئت أقول لك: الجمال التي أخذتها هذه جمالنا، أنت لماذا أخذتها؟
فقال
أبرهة لعبد المطلب: أتكلمني في الإبل ولا تكلمني في بيت فيه عزك وشرفك وشرف
آبائك؟!
أنا جئت أهدم الكعبة التي تفخر بهاوتعتز بها، تترك هذا الأمر الذي
جئتُ له، وتقول: هات جمالنا؟!
فقال عبد المطلب هذه الكلمة التي طارت في الآفاق وسارت مسار الأمثال:
"أنا رب الإبل، وللبيت رب يحميه".
أنا رب الإبل، أنا جئت أكلمك فيما أملكه، أما البيت فله رب يحميه.
ثم رجع عبد المطلب فأخذ بحلقة باب
الكعبة ومعه نفر من قريش، وأخذوا يدعون الله تعالى وستنصرونه أن يحمي بيته وأن
يهزم أبرهة وجنده.
وكان
مما قال عبد المطلب وهو متعلق بأستار الكعبة:
اللهمّ إنَّ المرءَ يمنَعُ
رَحْلَه ** فامْنَعْ رحالك
انصر على آل الصليب **
وعابديهم يوم آلك
لا يغلبَنَّ صليبُهُمْ **
وَمِحَالُهُمْ أَبَداً مِحالَكْ
إنْ كنتَ تاركَهُمْ
وَقِبْلَتَنا ** فأمْرٌ ما بَدَا لَكْ
أي يا رب لسنا قادرين أن ندافع عن البيت،
والبيت بيتك، إن تنصره فهو بيتك، وإن كنت ستخلي بين أبرهة وبين البيت فالأمر يا رب
لك.
ثم أرسل حلقة البيت وانطلق هو ومن معه من قريش إلى الجبال، هربوا
في الجبال، ينظرون ما أبرهة فاعلٌ بالبيت،
وكان في جيش أبرهة فيل عظيم، ولهذا سميت
ماذا؟ قصة الفيل، حادثة الفيل.
فصار كلما وجهوه إلى الطريق
المؤدي إلى مكة أبى وبرك، كلما وجهوا الفيل حتى يهدم الكعبة يبرك ولا يتحرك،
فإذا وجهوه إلى غير طريق مكة مشى
وانطلق، ومع هذه الآية العظيمة التي رآها ابرهة أصر أبرهة وجيشه على هدم الكعبة.
فماكان من الله -عز وجل- إلا أن أرسل عليهم طيرًا أبابيل، في
مناقيرها وأرجلها حجارة صغار،
فصارت ترميهم بهذه الحجارة، ولكنها لم تصيبهم
كلهم، فكان من صادفه حجر تمزق جسمه ومات، وخرجوا هاربين يتساقطون بكل طريق ويهلكون
بكل مهلك، نكَّل الله بأبرهة وجيشه شر تنكيل.
وقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- هذه
الحادثة في القرآن الكريم وأفرد لها سورة من قصار السور اسمها سوة ماذا؟ سورة
الفيل.
بسم الله الرحمن الرحيم
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ
رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ
يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ *
تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} [سورة
الفيل].
فهذه سورة في القرآن تضمنت القصة وما
أصاب هذا الجيش فيها، سورة الفيل.
وقد أشار النبي -عليه
الصلاة والسلام- إلى هذه الحادثة -حادثة الفيل- لما توجه سنة 6 من الهجرة إلى مكة
للعمرة،
فصدته قريش ومنعته من دخول مكة، فكانت الناقة
التي يركبها -عليه الصلاة والسلام- بركت، كلما وجه اليها امتنعت
فقالوا: خلأت القصواء -اسم الناقة- وإليكم الحديث:
« خرجَ رسولُ اللهِ صلى الله
عليه وسلم زمنَ الحُدَيْبِيَّةِ ، حتى كانوا ببعضِ الطريقِ ، قال النبيُّ صلى الله
عليه وسلم : إن خالدَ بنَ الوليدِ بالغَمِيمِ ، في خيلٍ لقريشٍ طليعةٍ ، فخذوا
ذاتَ اليمينٍ . فواللهِ ما شَعَرَ بهم خالدٌ حتى إذا هم بقَتَرَةِ الجيشِ ،
فانطَلَقَ يَرْكُضُ نذيرًا لقريشٍ ، وسار النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان
بالثَّنِيَّةِ التي يَهْبِطُ عليهم منها ، برَكَتْ به راحلتُه ، فقال الناس : حلْ
حلْ . فأَلَحَّتْ، فقالوا خَلَأَتِ القَصْواءُ ، خلَأَتِ القصواءُ ! فقال النبيُّ صلى
الله عليه وسلم: ما خلَأَتِ القصواءُ ، وما ذاك لها بخُلُقٍ ، ولكن حبَسَها حابسُ
الفيلِ . ثم قال: والذي نفسي بيدِه ، لا يَسْأَلُونَنِي خطةً يُعَظِّمون فيها
حرماتِ اللهِ إلا أَعْطَيْتُهم إيَّاها . ثم زجَرَها فوثَبَتْ ....)
الراوي: المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2731- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الراوي: المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2731- خلاصة حكم المحدث: صحيح
جزء
من حديث هنا،
ونتعرض لصلح الحديبية حينه إن شاء الله
ونتعرض لصلح الحديبية حينه إن شاء الله
هذه هي الحادثة التي أرَّخ بها العرب، فيسمونها عام الفيل
وفي ذلك العام ولد النبي -عليه الصلاة والسلام.
هذه القصة أو هذه
الحادثة فيها دوس، دروس وعبر كثيرة جدًا،
ما هي الدروس التي
نستفيدها من حادثة الفيل؟
1---أولًا: بيان شرف الكعبة {إِنَّ
أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 96].
وكيف أن مشركي العرب
كانت تعظم الكعبة وتقدسها، ولا يقدمون عليها شيء، وتعود هذه المنزلة للكعبة عند
العرب إلى بقايا من ديانة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام.
2---كذلك من الدروس: التضحية في سبيل المقدسات، والحفاظ عليها،
فقد خرج كما أشرت بعض ملوك العرب إلى أبرهة ليصدوه، ولكن -كما قلت- غلب من غلب
منهم، وأسر من أسر.
فالدفاع عن المقدسات غريزة في النفس، والتضحية عنها فطرة
في الإنسان.
3----كذلك في قول عبد المطلب: "سنخلي بينه وبين البيت، فإن خلى
الله بينه وبينه فوالله ما لنا بهم قوة"،
هذا تقرير دقيق لحقيقة المعركة بين
الله وأعدائه،
فمهما كانت قوة العدو وحشوده فإنها لا تستطيع
الوقوف لحظة واحدة أمام قدرة الله -سبحانه وتعالى- وبطشه ونقمته، هو سبحانه واهب
الحياة وسالبها في أي وقت يشاء، هو المحيي وهو المميت.
4---كذلك رأينا تعظيم العرب لبيت الله الحرام الذي تكفل بحفظه وحمايته
من عبث المفسدين وكيد الكائدين.
قال العلماء:كانت حادثة الفيل من
شواهد النبوة،
دلالة من دلالتها، فإنه الله -سبحانه وتعالى- حفظ البيت الحرام من
أبرهة أن يهدمه لما اقتربت بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-
الذي سينير التوحيد في
مكة، وسيرد العرب إلى ما كانوا عليه من دين أبيهم إبراهيم -عليه السلام.
{قد عرفنا أن الله تعالى حفظ البيت
الحرام من أبرهة الحبشي، وهناك حديث يقول أن الذي سيخرب الكعبة ذو السويقتين من
الحبشة، فلماذا لن يحفظ الله البيت من هذا الرجل كما حفظه من أبرهة؟}.
الحديث " يُخَرِّبُ الكعبةَ ذو السُّوَيقَتَينِ من الحبشةِ ".
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1596- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
السويقتان: تثنية
ساق، ساق وساق سويقتين.
يقول -عليه الصلاة والسلام: «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة»
، يعني رجل نحيف جدًا، وساقتيه رفيعة
جدًا، حبشي أيضًا، وأبرهة كان حبشي، هذا الرجل يتمكن من هدم الكعبة آخر الزمان
وينقضها حجرًا حجرًا
.
سؤال------. أبرهة
الحبشي لما قصد هدم الكعبة، الله أهلكه وجنده، وحفظ الكعبة، طيب كيف يُمَكِّن الله
-عز وجل- هذا الحبشي الآخر في آخر الزمان من هدم الكعبة؟ لماذا لا يحفظها كما
حفظها من أبرهة؟
الجواب: أن
الله -سبحانه وتعالى- حفظ الكعبة من أبرهة وجيشه في هذا الزمان لما كان يُنتظر من
بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-
الذي قال الله فيه هُوَ
الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33]،
فحفظ الله البيت في ذلك الزمان من أبرهة
لما أراد بالناس من الخير والرحمة، كما قال في حق النبي -عليه الصلاة والسلام-
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ
إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
أما ذلك الحبشي الآخر ذو السويقتين
الذي في آخر الزمان سيهدم الكعبة،
فهدم الكعبة علامة من علامات الساعة الكبرى،
وللساعة علامات كبرى يقول العلماء: كالعقد المنظوم.
ساعة أن تظهر العلامة الأولى تجد العلامة الثانية والخامسة
والسابعة والعاشرة ظهرت، ثم ينفخ في الصور وتنتهي الدنيا.
ففي آخر الزمان لما يقل أهل الخير
ويقل أهل التوحيد ويبقى في الأرض شرارها
كما قال
-عليه الصلاة والسلام: «لا تقومُ السَّاعةُ على أحدٍ يقول: اللَّهُ، اللَّهُ
»
»
الراوي: أنس بن مالك المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 148-خلاصة حكم المحدث: صحيح ،
فلما لم يبقَ في الأرض من أهل التوحيد أحد، ولم يبقَ فيها إلا
شرارها فلم يعد لبقاء الكعبة فائدة، فيسلط الله هذا الحبشي فيهدمها ليزداد إثمًا
بتلك الجريمة التي يرتكبها، ويُعذَّب بذلك في النار، والله تعالى أعلم.
ننتقل بعد ذلك، بعد أن عرفنا لماذا
سمي عام الميلاد-بعام الفيل،
زواج الوالدين
، من هو الوالد؟ ومن هي الوالدة؟ وكيف تم هذا الزواج
المبارك الذي نشأ منه خير خلق الله محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-
فنقول:
كان عبد الله بن عبد المطلب
شابًا نسيبًا جميلًا وسيمًا، قوي البنيان، فغدا مطمع الآمال، وغاية الأماني من
الكواعب الحسان من شريفات قريش.
تطلعت كل امرأة
حسيبة نسيبة ذات مكانة في قريش إلى أن تحظى بالزواج من عبد الله بن عبد المطلب.
فرأى أبو عبد المطلب شريف مكة وسيدها أن
يزوجه بكرًا من كرائم البيوتات
القرشية، وفكر الشيخ ثم فكر حتى هداه تفكيره -وهو العارف بالأعراق والأحساب
والأنساب- هداه تفكيره إلى فتاة بني زهرة آمنة بنت وهب بن عبد مناف، فأخذ بيد عبد
الله وذهب به حتى اتى منازل بني زهرة، ودخل وإياه دار وهب بن عبد مناف الزهري،
وهويومئذ سيد بني زهر نسبًا وشرفًا،
فزوجه ابنته آمنة وهي يومئذ أفضل امرأة في
قريش نسبًا وموضعًا.
وبنى عبد الله بآمنة، ما معنى بنى؟ دخل بها والبناء
معروف.
وعاش الفتى المرموق المحبوب والفتاة
الوادعة الجميلة الشريفة أيامًا معدودات، لم تتجاوز عند جمهرة المؤرخين عشرة أيام، يعني عبد الله عاش مع آمنة عشرة أيام
فقط، حياته الزوجية مدتها عشرة أيام،
وشاء الله أن تكون هذه أيام عمر الحياة
الزوجية في هذا الزواج المبارك.
في هذه الأيام المعدودات حملت السيدة
الشريفة آمنة بسيد هذه الأمة، وقد ادخرها القدر لأعظم أمومة في التاريخ،
وتوالت عليها الرؤى والبشريات بجلال قدر هذا الجنين،
ويتبـــــــــــ إن شاء الله ـــــــــــــــــع
من فقه
السيرة
د. عبد
العظيم بدوي
جزء من الدرس
الأول بتصرف يسير
وكتاب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين- بتصرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق