تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

الاثنين، 19 مايو 2014

(41) بشاير الهجرة للمدينة


21 رجب 1435
20-5-2014 
(41) بشائر الهجرة للمدينة

بداية البشرى :
 رؤيا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في ما رواه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته رؤيا تبين له دار الهجرة،
 فقال صلى الله عليه وسلم: رأيتُ في المنامِ أني أُهاجِرُ من مكةَ إلى أرضٍ بها نخلٌ ، فذهب وهَلِي إلى أنها اليمامةُ أو الهجَرُ ، فإذا هيَ المدينةُ يثربُ ، ورأيتُ فيها بقرًا ، واللهُ خيرٌ ، فإذا هم المؤمنون يومَ أحدٍ ، وإذا الخيرُ ما جاء اللهُ به من الخيرِ ، وثوابُ الصدقِ الذي آتانا اللهُ به بعدَ يومِ بدرٍ)
الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7035 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

فذهب وهلي : يعني ذهب تفكيري، إلى أنها اليمامة أو هجر وهجر مدينة معروفة في البحرين أو قرب البحرين في منطقة ما بين الدمام والبحرين وهي الآن تسمى الإحساء، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا هي يثرب».

 ومن ضمن الأمور التي ينبغي أو يحسن بنا أن نذكرها الآن قبل الحديث عن هجرة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- منها أن السبب الرئيس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه بالهجرة ما أؤذي به صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هو وأصحابه عامة وخاصة بعد وفاة عمه أبي طالب.

فهاجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أو اضطر  للهجرة لهذه الأسباب، وكان قد اضطر أصحابه من قبله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للهجرة إلى الحبشة،من ديارهم وترك أموالهم، وممتلكاتهم من أجل ما حدث لهم من المضايقات

 وكانت المدينة أرض وباء ورحل عنها بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم

كما روى البخاري رحمه الله أن بلالاً رضي الله عنه وأرضاه عندما هاجر إلى المدينة قال: اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء، التي هي حمى المدينة دعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن تنقل حمى المدينة إلى خارجها  فاستجاب الله سبحانه دعوته فكانت أرض المدينة أرض طيبة لا وباء فيها بل تمتع أصحابه  في المدينة.


الحديث :- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:-
((لمَّا قدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينَةَ وُعِكَ أبو بكرٍ وبلالٌ ، فكانَ أبو بكرٍ إذا أَخَذَتْهُ الحمَّى يقولُ : كلُّ امرئٍ مُصْبِحٌ في أهْلِهِ * والموت أدنى من شراك نعله .
 وكانَ بلالٌ إذا أقْلَعَ عنهُ الحمَّى يرْفَعُ عَقِيَرتَهُ يقولُ : ألا ليتَ شِعْرِي هلْ أَبِيتَنَّ ليلةً * بوادٍ وحولِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ . وهلْ أَرِدَنَّ يومًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ * وهلْ يَبْدُوَنَّ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ
وقالَ : اللهمَّ العَنْ شَيبَةَ بنَ رَبيعَةَ ، وعُتْبَةَ بنَ ربِيعَةَ ، وأميَّةَ بنَ خَلَفٍ ، كمَا أخْرَجُونَا من أرْضِنَا إلى أرضِ الوَبَاءِ .

 ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : اللهمَّ حَبِبْ إلينَا المدينةَ كحُبِّنَا مكةَ أو أَشَدَّ ، اللهمَّ بارِكْ لنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا ، وصَحِّحْهَا لنَا ، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ .

قالتْ : وقَدِمْنَا المدينةَ وهيَ أَوْبَأُ أرضِ اللهِ ، قالتْ : فكانَ بُطْحَانُ يجرِي نَجْلًا ، تعنِي ماءً آجِنًا*) .
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1889-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
* أَجَنَ: ( فعل )
أجَنَ يأجُن ، أَجْنًا وأُجُونًا ، فهو آجِن وأَجِن
أَجَنَ الْمَاءُ : تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ

** من أول من دخل المدينة؟
وذكرنا أن أول المهاجرين من مكة إلى المدينة كان مصعب بن عُمير وابن أم مكتوم وهناك قول بأنه أبو سلمة،
 والحافظ بن حجر رحمه الله جمع بين القولين فقال:  (يمكن الجمع بين القولين ذلك أن أبا سلمة خرج لا لقصد الإقامة بالمدينة بخلاف مصعب بن عُمير وابن أم مكتوم خرجا لقصد الإقامة في المدينة)،

 قال الشيخ فنجمع بين القولين :
فنقول كلاهما كان له السبق ولكن مصعب خرج للإقامة والدعوة، أما أبو سلمة كان قد خرج مهاجرا يبحث عن مكان أو عن أرض فوصل إلى المدينة فوجد أنها أرض مناسبة يعني لم تكن المدينة هي بغيته الأصلية بمعنى أنه لو لم يكن وجد راحته في المدينة لانتقل من المدينة إلى مكان آخر بخلاف مصعب فإنه كان قاصدا للمدينة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

من شرح كتاب
نور اليقين في سيرة سيد المرسلين- بتصرف يسير

-:من البداية والنهاية

وكان آخر من بقي من الصحابة في مكة عبد الله بن جحش وكانت كنيته أبو أحمد وكان كفيف البصر وهو أخو عبد الله بن جحش فلما أجمع عبد الله بن جحش إلى الهجرة كرهت امرأته ذلك وجعلت تشير إليه أن يهاجر إلى غير المدينة، وامرأته هي الفرعة بنت سفيان بن حرب، وهاجر بأهله وماله سرا إلى المدينة مع أخيه عبد الله بن جحش فوصلوا إلى المدينة فتملك أبو سفيان داره بمكة وباعها وباع كثيرا من دور المسلمين الذين هاجروا في سبيل الله تبارك وتعالى.

أبو سفيان بن حرب كل مسلم يهاجر يأخذ داره ويأخذ ما فيه من مال أو من متاع ويبيعه، بحجة أن هؤلاء لا أرض لهم ولا وطن لهم، لأنهم تركوا البلاد، وتركوا الدور، وتركوا الأوطان فليس لهم الحق في العودة إليها مرة أخرى،


قال ابن إسحاق‏:‏

 لما أذن الله تعالى في الحرب بقوله‏:‏ ‏{‏أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ‏}‏الآية ‏[‏الحج‏:‏39-40‏]‏‏. ‏
فلما أذن الله في الحرب وتابعه هذا الحي من الأنصار على الإسلام والنصرة له، ولمن اتبعه وأوى إليهم من المسلمين‏.‏
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج إلى المدينة، والهجرة إليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار‏.‏

وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏إن الله قد جعل لكم إخواناً وداراً تأمنون بها‏)‏‏)‏، فخرجوا إليها أرسالاً، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة‏.
من أيسر التفاسير:
}أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)}

{يُقَاتَلُونَ} هَذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الجِهَادِ، وَقَدْ نَزلَتْ بَعْدَ خُروجِ النَّبِيِّ عليهِ السَّلامُ وَأَصْحَابِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ. يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ المُشْرِكِينَ قَدْ ظَلَمُوا المُسْلِمينَ فِي مَكَّةَ، وأَخْرَجُوهُم مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرٍ حَقٍّ، وَلا ذَنْبَ لَهُمْ إِلا أَنَّهُمْ آمَنُوا بالله،

 وَقَالُوا: رَبُّنَا اللهُ. وَلِذَلِكَ أَذِنَ اللهُ تَعَالَى للمُسْلِمِينَ فِي قِتَالِ المُشْرِكِينَ، دَفْعً لأَذَاهُم، وإِضْعَافاً لِشَوْكَتِهِم، وتَشْجِيعاً لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الإِسْلامِ عَلَى الالْتِحَاقِ بِالمُسْلِمِينَ لِيَكُونُوا قُوَّةً تُدَافِعُ عَنْ نَفْسِها، وَتُرِهِبُ أعْدَاءَهَا الكفَّارَ، وإِنَّ اللهَ قَادِرٌ وَحْدَهُ عَلَى نَصْرِ المُسْلِمِينَ دُونَ عَوْنٍ مِنْهَمْ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يُريدُ مِنَ المُؤْمِنيِنَ أَنْ يَبْذُلُوا جُهْدَهُم فِي طَاعَةِ رَبِّهِم، وأَن يَقُومُوا بِواجِبِهِم فِي الدِّفَاعِ عَنْ أَنْفِسِهِم وَدِينِه.{

}الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}
{مَّكَّنَّاهُمْ} {الصلاة} {وَآتَوُاْ} {الزكاة} {عَاقِبَةُ}

 (41)- وَيُتَابِعُ اللهُ تَعَالَى وَصْفَ المُءْمِنينَ المَظْلُومِينَ فَيَقُولُ: إِنَّهُمُ الذِينَ إِذَا مَكَنَّ اللهُ لَهُمْ فِي الأَرْضِ، وَحَقَّقَ لَهُمُ النَّصْرَ والغَلَبَةَ، وَجَعَلَ لَهُمُ العَاقِبَة، عَمِلُوا بِأمْرِ اللهِ، وَاجْتَنُبوا مَا نَهَاهُم عَنْهُ، فَأَقَامُوا الصَّلاةَ، وأَدَّوهَا حَقَّ أَدَائِها، وَدَفَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، وَأَمَرُوا بالمعْرُوفِ، وَحَثُّوا النَّاسَ عَلَى فِعْلِ الخَيْرِ وَمَا يُرْضِي الله، وَنَهَوْا المُتَجَاوِزِينَ عَلَى حُدُودِ اللهِ عَنْ فِعْلِ المُنْكَرِ. وَعِنْدَ اللهِ حِسَابُ النَّاسِ جَميعاً فِي نِهَايَةِ المَطَافِ، وَلَهُ عَاقِبَةُ الأُمُورِ، فَيجْزِي كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى عَمَلِهِ.أهـ

أما الباقين من الصحابة في مكة لم يبقى في مكة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي بن أبي طالب  وقلة من المسلمين إما لحبس أو لغيره،

**هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
 علنا من القصص المشهورة في كتب السيرة وعلى ألسنة بعض العلماء، مع أنها لم تثبت من طرق صحيحة، فما هو الصحيح في هجرة عمر بن الخطاب ؟

ومما اشتهر أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أراد أن يهاجر من مكة إلى طيبة الطيبة، تقلّد سيفه ومضى قِبَل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت، ثم أتى المقام فصلى، ثم وقف فقال: "شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يُثكل أُمّه، أو يؤتم ولده، أو ترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي (1)".أسد الغابة

قال الألباني رحمه الله في رده على البوطي
 (بكتابه الدفاع عن الحديث النبوي والسيرة الصحيحة) الذي نقل هذه القصة عن ابن الأثير: "جزمه بأن عمر رضي الله عنه هاجر علانية اعتمادًا منه على رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه المذكورة، وجزمه بأن عليًا رواها ليس صوابًا؛ لأن السند بها إليه لا يصح،
وقد روي البخاري رحمه الله عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:
((أولُ من قدم علينا مصعبُ بنُ عُميرٍ وابنُ أمِّ مكتومٍ، وكانا يقرئان الناسَ، فقدم بلالٌ وسعدٌ وعمار بنُ ياسرٍ، ثم قدم عمرُ بنُ الخطابِ في عشرين من أصحابِ النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثم قدم النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فما رأيتُ أهل َالمدينةِ فرحوا بشيء فرحَهم برسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، حتى جعل الإماءُ يقلْن : قدم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فما قدم حتى قرأتُ : { سَبِّحِ اسْمِ رَبِّكَ الأَعْلَى } . في سورٍ من المفصَّلِ)) .
الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3925-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


قال ابن إسحاق‏:‏ ثم خرج عمر بن الخطاب، وعياش بن أبي ربيعة حتى قدما المدينة‏.‏
فحدثني نافع عن عبد الله بن عمر عن أبيه‏.‏

قال‏:‏ اتعدنا لما أردت الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص؛ التناضب من إضاة بني غفار فوق سرف، وقلنا‏:‏ أينا لم يصبح عندها فقد حبس، فليمض صاحباه، قال‏:‏ فأصبحت أنا وعياش عند التناضب وحبس هشام وفتن فافتتن‏.‏
فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش - وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما - حتى قدما المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فكلماه وقالا له‏:‏ إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرقَّ لها‏.‏
فقلت له‏:‏ إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت‏.‏

قال‏:‏ فقال‏:‏ أبرّ قسم أمي ولي هنالك مال فآخذه‏.‏
قال‏:‏ قلت‏:‏ والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالاً، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما‏.‏
قال‏:‏ فأبى عليّ إلا أن يخرج معهما، فلما أبى إلا ذلك‏.‏
قلت‏:‏ أما إذ فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها، فإن رابك من أمر القوم ريب فانج عليها‏.‏
فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل‏:‏ يا بن أخي والله لقد استغلظت بعيري هذا أفلا تعقبني على ناقتك هذه ‏؟‏
قال‏:‏ بلى‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/211‏)‏‏.‏

فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه رباطاً، ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن‏.‏

قال عمر‏:‏ فكنا نقول‏:‏ لا يقبل الله ممن افتتن توبة‏.‏

وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنزل الله‏:‏ ‏{‏قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 53-55‏]‏‏.‏

قال عمر‏:‏ وكتبتها وبعثت بها إلى هشام بن العاص‏.‏

قال هشام‏:‏ فلما أتتني جعلت أقرأها بذي طوى أصعد بها وأصوب ولا أفهمها حتى قلت‏:‏ اللهم فهمنيها، فألقى الله في قلبي أنها إنما أنزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا، ويقال‏:‏ فينا‏.‏

قال‏:‏ فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة‏.‏

- سيرة ابن هشام- وذكره الشيخ: أكرم ضياء العمري بكتابه السيرة النبوية الصحيحة
قال ابن إسحاق‏:‏ ثم تتابع المهاجرون رضي الله عنهم

هجرة صهيب الرومي

هو صهيب بن سنان بن مالك ويقال: خالد بن عبد عمرو بن عقيل، ويقال: طفيل بن 
عامر بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس بن زيد مناة بن النمر بن قاسط النمري، أبو يحيى وأمه من بني مالك بن عمرو بن تميم، وهو الرومي قيل له ذلك؛ لأن الروم سبوه صغيرًا.

قال ابن سعد: وكان أبوه وعمه على الأبلة من جهة كسرى، وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل، فنشأ صهيب بالروم فصار ألكن، ثم اشتراه رجل من كلب فباعه بمكة، فاشتراه عبد الله بن جدعان التميمي، فأعتقه.

حال صهيب الرومي في الجاهلية:

لقد كان والده حاكم (الأبلة) ووليًّا عليهـا لكسرى، فهو من العرب الذين نزحوا إلى العراق قبل الإسلام بعهد طويل، وله قصـر كبير على شاطئ الفرات، فعاش صهيب طفولة ناعمة سعيدة، إلى أن سبي بهجوم رومي، وقضى طفولته وصدر شبابه في بلاد الروم، وأخذ لسانهم ولهجتهم، وباعه تجار الرقيق أخيرًا لعبد اللـه بن جدعان في مكة وأعجب سيده الجديد بذكائه ونشاطه وإخلاصه..فأعتقه وحرره وأخذ يتاجر معه حتى أصبح لديه المال الكثير.

قصة إسلام صهيب الرومي:
يقول عمار بن ياسر : لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله فيها, فقلت له: ماذا تريد؟ فأجابني: ماذا تريد أنت؟ قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول. قال: وأنا أريد ذلك..

فدخلنا على رسول الله فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا، ونحن مستخفيان فكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً.

عندما هم الرسول بالهجرة، علم صهيب به، وكان من المفروض أن يكون ثالث الرسول وأبي بكر، ولكن أعاقه الكافرون، فسبقه الرسول وأبو بكر، وحين استطاع الانطلاق في الصحراء، أدركه قناصة قريش، فصاح فيهم: "يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجل، وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي، حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا إن شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني"..

فقبل المشركين المال وتركوه قائلين: أتيتنا صعلوكًا فقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك. فدلهم على ماله وانطلق إلى المدينة، فأدرك الرسول في قباء, ولم يكد يراه الرسول حتى ناداه متهللاً: "ربح البيع أبا يحيى.. ربح البيع أبا يحيى", فقال: يا رسول الله، ما سبقني إليك أحدٌ، وما أخبرك إلا جبريل.

فنزل فيه قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207].

لمَّا خرجَ صهَيبٌ مهاجرًا تبِعَه أهلُ مكَّةَ ، فنَثَلَ كِنانتَهُ ، فأخرجَ مِنها أربعينَ سهمًا فقال : لا تصِلونَ إليَّ حتَّى أضعَ في كلِّ رجلٍ منكُم سهمًا ثمَّ أصيرَ بعدَه إلى السَّيفِ فتعلَمونَ 
أنِّي رجلٌ وقد خلَّفتُ بمكَّةَ قَينتَينِ فهُما لكُم قال : وحدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلمةَ عن ثابتٍ عن أنسٍ نحوَه ونزلَت علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ الآيةُ . فلمَّا رآهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ قال : أبا يحيَى رَبِحَ البَيعُ ، قال : وتلا عليهِ الآيةَ .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الوادعي - المصدر: صحيح أسباب النزول - الصفحة أو الرقم: 40
خلاصة حكم المحدث: له طرق أخر أغلبها مراسيل وهي بمجموعها تزيد الحديث قوة وتدل على ثبوته

باب من فضائل سلمان وصهيب وبلال رضي الله تعالى عنهم
قال مسلم في صحيحه :
حدثنا محمد بن حاتم،قال: حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة،عن ثابت ،عن معاوية بن قرة ،عن عائذ بن عمرو :
"أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها قال فقال أبو بكر أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك فأتاهم أبو بكر فقال يا إخوتاه أغضبتكم قالوا لا، يغفر الله لك يا أخي"
تخريج الحديث:صحيح مسلم - فضائل الصحابة (2504) الراوي: عائذ بن عمرو
 مسند أحمد - أول مسند البصريين (5/65)

منقول - بتصرف
البداية والنهاية – موقع قصة الإسلام



ونتابع هجرة حبيبنا محمد صلى الله عيه وسلم......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق