تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

الثلاثاء، 27 مايو 2014

42 هجرة النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة

28رجب1435
(42)
 
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة

من البداية والنهاية
 
قال ابن إسحاق‏:‏ وأقام رسول الله بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة إلا من حبس أو فتن،

إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهما وكان أبو بكر كثيراً ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فيقول له‏:‏ ‏(‏‏(‏لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحباً‏)‏‏)‏ فيطمع أبو بكر أن يكون‏.‏

فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد )3/215نزلوا داراً وأصابوا منهم منعة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏


**الاجتماع بدار الندوة وفيه مقال**

فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم،
فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمراً إلا فيها - يتشاورون فيما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه‏.‏


قال ابن إسحاق‏:‏ فحدثني من لا أتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر، عن عبد الله بن عباس، وغيره مما لا أتهم عن عبد الله بن عباس‏.‏
قال‏:‏ لما اجتمعوا لذلك واستعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، غدوا في اليوم الذي استعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة، فاعترضهم إبليس لعنه الله في صورة شيخ جليل عليه بتلة فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفاً على بابها قالوا‏:‏ من الشيخ‏؟‏
قال‏:‏ شيخ من أهل نجد سمع بالذي اجتمعتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأياً ونصحاً‏.‏


قالوا‏:‏ أجل فادخل، فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش عتبة، وشيبة ابنا ربيعة، وأبو سفيان، وطعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم بن عدي، والحارث بن عامر بن نوفل، والنضر بن الحارث وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، وأبو جهل بن هشام، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وأمية بن خلف، ومن كان منهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش‏.‏


فقال بعضهم لبعض‏:‏ إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإننا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا، فاجمعوا فيه رأياً،
قال‏:‏ فتشاوروا ثم قال قائل منهم‏:‏ - قيل إنه أبو البختري بن هشام - احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه باباً ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيراً والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم‏.‏


فقال الشيخ النجدي‏:‏ لا والله ما هذا لكم برأي والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب هذا الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي‏.‏
فتشاوروا ثم قال قائل منهم‏:‏ نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذاغاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا )3/216وأُلفتنا كما كانت‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏


قال الشيخ النجدي‏:‏ لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به‏؟‏ والله لو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على حي من العرب، فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، أديروا فيه رأيا غير هذا‏.‏


فقال أبو جهل بن هشام‏:‏ والله إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد‏.‏
قالوا‏:‏ وما هو يا أبا الحكم‏؟‏
قال‏:‏ أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتىً شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعها، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً‏.‏ فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم(الدية)،



قال‏:‏ الشيخ النجدي‏:‏ القول ما قال الرجل هذا الرأي ولا رأي غيره فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له‏.‏
فأتى جبرائيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له‏:‏ لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه‏.
قال‏:‏ فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم


قال لعلي بن أبي طالب‏:‏ ‏(‏‏(‏نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم‏)‏‏)‏، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام‏.‏

**وهذه القصة التي ذكرها ابن إسحاق قد رواها الواقدي بأسانيده عن عائشة وابن عباس وعلي وسراقة بن مالك بن جعشم وغيرهم دخل حديث بعضهم في بعض فذكر نحو ما تقدم‏.‏

قال ابن إسحاق‏:‏ فحدثني يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي‏.‏
قال‏:‏ لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل قال - وهم على بابه -‏:‏ إن محمداً يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان فيكم ذبح ثم بعثتم بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها‏.‏


قال‏:‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏نعم أنا أقول ذلك، أنت أحدهم‏)‏‏)‏، وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات‏:‏

{‏يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ ‏ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ‏}‏ ‏[‏يس‏:‏ 1-9‏]‏‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/217‏)‏‏.‏ والقصة لاتصح

قال الشيخ أكرم ضياء العمري في كتابه :السيرة النبوية الصحيحة
رويت بمسند أحمد بإسناد ضعيف لكنه صالح للاعتبار – وحسنه ابن كثير في البداية والنهاية وقال هو أجود مايكون في قصة نسج العنكبوت على فم الغار-حسنه ابن حجر
ولم يصححها كثير من العلماء


وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة

فكان أبو بكر يطمع أن يكون هو الصاحب لرسول الله صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فاشترى راحلتين وأخذ يعلفهما مدة أربعة أشهر كما ذكر ابن هشام وغيره في السيرة.

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: « فأمَّا أبو بَكرٍ فإنَّ الرَّسولَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قال له حينَ استأذنَهُ ليُهاجِرَ : لا تعجَلْ ، لعلَّ اللَّهَ أن يجعَلَ لك صاحِبًا ».

الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم: 160
خلاصة حكم المحدث: بدون إسناد: لكن معناه فيما أخرجه البخاري

أخبره جبريل أن قريش تكيد لقتله ثم جاء الإذن من الله تبارك وتعالى لنبيه -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- بالهجرة

وفي ذلك يقول الله -تبارك وتعالى:
{وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أو يَقْتُلُوكَ أو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]

وبدأ الاستعداد للهجرة:
(عن عائِشةَ رضي الله عنها، أنَّها قالَتْ : كان لا يُخْطِىءُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يأتِيَ أبي بكرٍ أحدَ طرفَيِ النهارِ : إما بكرَةً ، وإمَّا عشيًّا ، حتى إذا كان اليومُ الذي أذِنَ اللهُ فيه لرسولِهِ في الهجرةِ والخروجِ من مكةَ منْ بينِ ظهرَيْ قومِهِ ، أتانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالهاجرةِ في ساعَةِ كان لا يأتِي فيها .

قالتْ : فلما رآهُ أبو بكرٍ قال : ما جاءَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذِهِ الساعَةِ إلَّا لِأَمْرٍ حدث . فلما دخلَ تأخَّرَ لَهُ أبو بكْرٍ عن سريرِهِ ، فجلَسَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وليس عندَ رسولِ اللهِ أحدٌ إلَّا أنا وأختي أسماءُ ،

 فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : أخرِجْ عني مَنْ عندَكَ ، قال : يا رسولَ اللهِ ، إِنَّما هما ابنتايَ . وما ذاكَ - فِداكَ أبي وأمي - قال : إِنَّ اللهَ أذِنَ لي بالخروجِ والهجرةِ . فقال أبو بكرٍ : الصحبةُ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : الصحبَةُ .

 قالَتْ عائِشَةُ : فواللهِ ما شعَرْتُ قطُّ قبلَ ذلِكَ اليومِ أنَّ أحدًا يبكي من الفرحِ حتى رأيتُ أبا بكر يومئذ يبكي ! ! . ثُمَّ قال : يانبي الله إِنَّ هاتينِ الراحلتينِ كنتُ أعددتُهما لهذا ، فاستأجرا عبدَ اللهِ ابنَ أريقطٍ – وهو مشركٌ – يدلُهما على الطريقِ . ودفعا إليه راحلتَيْهما فكانتا عندَه يرعاهُما لميعادِهما ).

الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم: 160
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح، وأخرجه البخاري مع شيء من الاختصار

كيف كانت خطة النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة

*بات علي رضي الله عنه بفراشه

*اتجه جنوبا (للتمويه) لغار ثور والمدينة شمالا

*استأجر وأبو بكر خِريتا(العالم بالطريق) عبدَ اللهِ ابنَ أريقطٍ واستأمناه رغم أنه على دين قريش وقابلهما بالراحلتين في الميعاد

*قبل النبي صلى الله عليه وسلم الراحلة بالثمن

*أسماء بنت أبي بكر زودتهما بالطعام

*عبد الله بن أبي بكر يبيت معهم ويصبح بمكة يستطلع الأخبار ويعود لهما بها

*عامر بن فهيرة مولى لأبي بكر رضي الله عنه يرعى الغنم حول الغار ليزودهما باللبن ويطمس وغنمه أثر الأقدام

وهنا الحنين إلى الوطن
(وقفَ النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الحزورةِ فقال : علمتُ أنكِ خيرُ أرضِ اللهِ ، وأحبُّ الأرضِ إلى اللهِ ، ولوْلا أنَّ أهلَكِ أخرَجُوني مِنكِ ما خرجتُ

الراوي: أبو هريرة المحدث: الوادعي - المصدر: أحاديث معلة - الصفحة أو الرقم: 438-خلاصة حكم المحدث: ظاهر إسناده في غاية من الصحة ، ولكن معمرا قد خالف أوثق الناس في الزهري فرواية معمر تعتبر شاذا
- صححه المحدث :ابن عبد البر

الحديث :
(هاجر ناس إلى الحبشة من المسلمين ، وتجهز أبو بكر مهاجرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي ) . فقال أبو بكر : أوترجوه بأبي أنت ؟ قال : ( نعم ) . فحبس أبو بكر نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم لصحبته ، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر .

قال عروة : قالت عائشة : فبينا نحن يوما جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة ، فقال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا ، في ساعة لم يكن يأتينا فيها ، قال أبو بكر : فدى له بأبي وأمي ، والله إن جاء به في هذه الساعة لأمر ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل ،
 فقال حين دخل لأبي بكر : ( أخرج من عندك ) . قال : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله .
قال : ( فإني قد أذن لي في الخروج ) . قال : فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال : ( نعم ) .
قال : فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين ،
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بالثمن ) .

قالت : فجهزناهما أحث الجهاز ، وضعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ، فأوكت به الجراب ، ولذلك كانت تسمى ذات النطاقين .

ثم لحق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور ، فمكث فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب لقن ثقف ، فيرحل من عندهما سحرا ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أثرا يكادان به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ،
ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم ، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء ، فيبيتان في رسلها حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث ).
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5807-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

ولننظر لرعاية أبو بكر الصديق رضي الله عنه وحرصه على النبي صلى الله عليه وسلم:
(أنَّ أبا بَكْرٍ ليلةَ انطلقَ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى الغارِ كانَ يمشي بينَ يديهِ ساعةً ومن خلفِهِ ساعةً فسألَهُ فقالَ أذكرُ الطَّلبَ فأمشي خلفَكَ وأذكرُ الرَّصَدَ فأمشي أمامَكَ فقالَ لو كانَ شيءٌ أحببتَ أن تُقتلَ دوني قالَ أي والَّذي بعثَكَ بالحقِّ فلمَّا انتَهَيا إلى الغارِ قالَ مَكانَكَ يا رسولَ اللَّهِ حتَّى أستبرئَ لَكَ الغارِ فاستبرأَهُ)
الراوي: محمد بن سيرين المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 7/279
خلاصة حكم المحدث: مرسل – ذكره ابن كثير :جزء من حديث طويل-وقال: إسناده غريب من هذا الوجه ولكن له شواهد كثيرة من وجوه أخر
ابن تيمية : جزء من حديث طويل - المصدر: منهاج السنة - الصفحة أو الرقم: 4/156-خلاصة حكم المحدث: من أشهر الأحاديث

وجاء المشركون حين فقدوا الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما طلع الصبح وجدوا عليًّا، فعلموا أن الرسول قد نجا، فأرادوا أن يدركوه قبل أن يصل إلى المدينة، فتفرقوا يمينًا وشمالًا حتى انتهوا إلى باب الغار الذي فيه الرسول وصاحبه، ووقفوا يتحدثون.
وقال أبو بكر: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا. فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم
«يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟»، كيف تخاف يا أبا بكر وربنا معنا. وفي هذا نزل قول رب العالمين

{إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة: 40].

وقوله تعالى {بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} تدل على ضعف ما يُروى أن العنكبوت نسجت والحمامة باضت، لأن نسج العنكبوت والحمامة التي باضت هذه أشياء مرئية، وربنا يقول: {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].


وإليكم الحديث:
عن أبو بكر الصديق رضي الله عنه (كنتُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الغارِ ، فرأَيتُ آثارَ المُشرِكينَ ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، لو أنَّ أحدَهم رفَع قدمَه رآنا ، قال : ( ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما ) .

الراوي: أبو بكر الصديق المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4663-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

فلبث -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبو بكر في الغار ثلاث ليالٍ حتى هدأ الطلب

وبدأت الرحلة المباركة النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر وعامر بن فهيرة رضي الله عنهما والدليل عبد الله بن أريقد اتجهوا ناحية الساحل

ومن الآيات للنبي صلى الله عليه وسلم تأييدا من الله سبحانه بالطريق:

(أنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – حين أُخرجَ من مكةَ ؛ خرج مهاجرًا إلى المدينةِ : هو وأبو بكرٍ، ومولى أبي بكرٍ عامرُ بنُ فُهَيرَةَ، ودليلُهما عبدُ اللهِ الليثيُّ ؛ مرُّوا على خيمتي أمِّ معبدٍ، فسَألوها لحمًا وتمرًا ليشتروا منها، فلم يُصيبوا عندَها شيئًا من ذلكَ،وكان القومُ مُرمِلينَ مُسنِتينَ،

فنظر رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – إلى شاةٍ في كسرِ الخيمةِ، فقال :ما هذه الشاةُ يا أمَّ معبدٍ ؟ !، قالت : شاةٌ خلَّفها الجهدُ عن الغنمِ، قال : هل بها منْ لبنٍ ؟، قالت : هي أجهدُ من ذلكَ،

قال : أتأْذنينَ لي أن أحلُبَها ؟، قالتْ : بأبي أنتَ وأمِّي ! إن رأيتَ بها حلبًا فاحلُبْها، فدعا بها رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ –، فمسح بيدهِ ضَرعَها، وسمى اللهَ – تعالى -، ودعا لها في شاتِها، فتفاجَّت عليهِ، ودرَّت واجترَّت، فدعا بإناء يربضُ الرهطُ، فحلب فيهِ ثجًّا، حتى علاهُ البهاءُ، ثمَّ سقاها حتى رَوِيتْ، وسقى أصحابَهُ حتى رَوَوْا، ثمَّ شرب آخرُهم، ثمَّ حلب فيه ثانيًا بعدَ بدءٍ، حتى ملأَ الإناءَ، ثمَّ غادرهُ عندَها وبايعَها، وارتحَلوا عنها)


الراوي: حبيش بن خالد المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 5886
خلاصة حكم المحدث: قد يرتقي الحديث إلى الحسن أو الصحة بطرق

قصة فيها معجزة للنبي -عليه الصلاة والسلام
مع سراقة بن مالك

- قريش لما خرج الرسول من بينها ويئست منه عضَّت أصابع الندم، كيف خرج من بينهم ولم ينتبهوا؟!
فهم يريدون أن يأتون به بأي وسيلة، فأعلنوا في الناس مَن يأتي بمحمد حيًّا أو ميتًا فله مئة ناقة مكافأة، مَن يأتينا بمحمد ولو حتى ميتًا له مئة ناقة، فطبعًا مئة ناقة شيء مغري، فجعلت الناس يتنافسون في أن يبحثوا عن محمد وصاحبه ويأتوا بهما ليأخذوا هذا الجُعْل -وهو المئة ناقة

الحديث:
عن سراقة بن مالك بن جعشم :(جاءنا رسل كفار قريش ، يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، دية كل واحد منهما ، لمن قتله أو أسره ، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس بني مدلج ، أقبل رجل منهم ، حتى قام علينا ونحن جلوس ، فقال يا سراقة : إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل ، أراها محمدا وأصحابه ،

قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت له : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلانا وفلانا ، انطلقوا بأعيينا ، ثم لبثت في المجلس ساعة ، ثم قمت فدخلت ، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة ، فتحبسها علي ، وأخذت رمحي ، فخرجت به من ظهر البيت ، فحططت بزجه الأرض ، وخفضت عاليه ، حتى أتيت فرسي فركبتها ، فرفعتها تقرب بي ،

حتى دنوت منهم ، فعثرت بي فرسي ، فخررت عنها ، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي ، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها : أضرهم أم لا ، فخرج الذي أكره ،

فركبت فرسي ، وعصيت الأزلام ، تقرب بي حتى سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت ، وأبو بكر يكثر الالتفات ، ساخت يدا فرسي في الأرض ، حتى بلغتا الركبتين ، فخررت عنها ، ثم زجرتها فنهضت ، فلم تكد تخرج يديها ، فلما استوت قائمة ، إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان ، فاستقسمت بالأزلام ، فخرج الذي أكره ،

 فناديتهم بالأمان فوقفوا ، فركبت فرسي حتى جئتهم ، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم ، أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك الدية ،
وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم ، وعرضوا عليهم الزاد والمتاع ، فلم يرزآني ولم يسألاني ، إلا أن قال : ( أخف عنا ) . فسألته أن يكتب لي كتاب أمن ، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
فلم يرزآني : لم يأخذوا مني شيء

الراوي: سراقة بن مالك بن جعشم المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3906-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

منقول بتصرف
البداية والنهاية
 كتاب السيرة النبوية الصحيحة (للإستدلال)
نور اليقين بسيرة سيد المرسلين

الخميس، 22 مايو 2014

مراجع السيرة النبوية







دفاع عن الحديث النبوي و السيرة - موقع الشيخ محمد ناصر الدين  

رده على كتاب البوطي

 

 

 

والمزيد هنا 

 

وهنا

اللهم انفعنا آمين

...

الاثنين، 19 مايو 2014

(41) بشاير الهجرة للمدينة


21 رجب 1435
20-5-2014 
(41) بشائر الهجرة للمدينة

بداية البشرى :
 رؤيا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في ما رواه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته رؤيا تبين له دار الهجرة،
 فقال صلى الله عليه وسلم: رأيتُ في المنامِ أني أُهاجِرُ من مكةَ إلى أرضٍ بها نخلٌ ، فذهب وهَلِي إلى أنها اليمامةُ أو الهجَرُ ، فإذا هيَ المدينةُ يثربُ ، ورأيتُ فيها بقرًا ، واللهُ خيرٌ ، فإذا هم المؤمنون يومَ أحدٍ ، وإذا الخيرُ ما جاء اللهُ به من الخيرِ ، وثوابُ الصدقِ الذي آتانا اللهُ به بعدَ يومِ بدرٍ)
الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7035 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

فذهب وهلي : يعني ذهب تفكيري، إلى أنها اليمامة أو هجر وهجر مدينة معروفة في البحرين أو قرب البحرين في منطقة ما بين الدمام والبحرين وهي الآن تسمى الإحساء، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا هي يثرب».

 ومن ضمن الأمور التي ينبغي أو يحسن بنا أن نذكرها الآن قبل الحديث عن هجرة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- منها أن السبب الرئيس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه بالهجرة ما أؤذي به صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هو وأصحابه عامة وخاصة بعد وفاة عمه أبي طالب.

فهاجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أو اضطر  للهجرة لهذه الأسباب، وكان قد اضطر أصحابه من قبله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للهجرة إلى الحبشة،من ديارهم وترك أموالهم، وممتلكاتهم من أجل ما حدث لهم من المضايقات

 وكانت المدينة أرض وباء ورحل عنها بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم

كما روى البخاري رحمه الله أن بلالاً رضي الله عنه وأرضاه عندما هاجر إلى المدينة قال: اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء، التي هي حمى المدينة دعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن تنقل حمى المدينة إلى خارجها  فاستجاب الله سبحانه دعوته فكانت أرض المدينة أرض طيبة لا وباء فيها بل تمتع أصحابه  في المدينة.


الحديث :- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:-
((لمَّا قدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينَةَ وُعِكَ أبو بكرٍ وبلالٌ ، فكانَ أبو بكرٍ إذا أَخَذَتْهُ الحمَّى يقولُ : كلُّ امرئٍ مُصْبِحٌ في أهْلِهِ * والموت أدنى من شراك نعله .
 وكانَ بلالٌ إذا أقْلَعَ عنهُ الحمَّى يرْفَعُ عَقِيَرتَهُ يقولُ : ألا ليتَ شِعْرِي هلْ أَبِيتَنَّ ليلةً * بوادٍ وحولِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ . وهلْ أَرِدَنَّ يومًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ * وهلْ يَبْدُوَنَّ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ
وقالَ : اللهمَّ العَنْ شَيبَةَ بنَ رَبيعَةَ ، وعُتْبَةَ بنَ ربِيعَةَ ، وأميَّةَ بنَ خَلَفٍ ، كمَا أخْرَجُونَا من أرْضِنَا إلى أرضِ الوَبَاءِ .

 ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : اللهمَّ حَبِبْ إلينَا المدينةَ كحُبِّنَا مكةَ أو أَشَدَّ ، اللهمَّ بارِكْ لنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا ، وصَحِّحْهَا لنَا ، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ .

قالتْ : وقَدِمْنَا المدينةَ وهيَ أَوْبَأُ أرضِ اللهِ ، قالتْ : فكانَ بُطْحَانُ يجرِي نَجْلًا ، تعنِي ماءً آجِنًا*) .
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1889-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
* أَجَنَ: ( فعل )
أجَنَ يأجُن ، أَجْنًا وأُجُونًا ، فهو آجِن وأَجِن
أَجَنَ الْمَاءُ : تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ

** من أول من دخل المدينة؟
وذكرنا أن أول المهاجرين من مكة إلى المدينة كان مصعب بن عُمير وابن أم مكتوم وهناك قول بأنه أبو سلمة،
 والحافظ بن حجر رحمه الله جمع بين القولين فقال:  (يمكن الجمع بين القولين ذلك أن أبا سلمة خرج لا لقصد الإقامة بالمدينة بخلاف مصعب بن عُمير وابن أم مكتوم خرجا لقصد الإقامة في المدينة)،

 قال الشيخ فنجمع بين القولين :
فنقول كلاهما كان له السبق ولكن مصعب خرج للإقامة والدعوة، أما أبو سلمة كان قد خرج مهاجرا يبحث عن مكان أو عن أرض فوصل إلى المدينة فوجد أنها أرض مناسبة يعني لم تكن المدينة هي بغيته الأصلية بمعنى أنه لو لم يكن وجد راحته في المدينة لانتقل من المدينة إلى مكان آخر بخلاف مصعب فإنه كان قاصدا للمدينة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

من شرح كتاب
نور اليقين في سيرة سيد المرسلين- بتصرف يسير

-:من البداية والنهاية

وكان آخر من بقي من الصحابة في مكة عبد الله بن جحش وكانت كنيته أبو أحمد وكان كفيف البصر وهو أخو عبد الله بن جحش فلما أجمع عبد الله بن جحش إلى الهجرة كرهت امرأته ذلك وجعلت تشير إليه أن يهاجر إلى غير المدينة، وامرأته هي الفرعة بنت سفيان بن حرب، وهاجر بأهله وماله سرا إلى المدينة مع أخيه عبد الله بن جحش فوصلوا إلى المدينة فتملك أبو سفيان داره بمكة وباعها وباع كثيرا من دور المسلمين الذين هاجروا في سبيل الله تبارك وتعالى.

أبو سفيان بن حرب كل مسلم يهاجر يأخذ داره ويأخذ ما فيه من مال أو من متاع ويبيعه، بحجة أن هؤلاء لا أرض لهم ولا وطن لهم، لأنهم تركوا البلاد، وتركوا الدور، وتركوا الأوطان فليس لهم الحق في العودة إليها مرة أخرى،


قال ابن إسحاق‏:‏

 لما أذن الله تعالى في الحرب بقوله‏:‏ ‏{‏أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ‏}‏الآية ‏[‏الحج‏:‏39-40‏]‏‏. ‏
فلما أذن الله في الحرب وتابعه هذا الحي من الأنصار على الإسلام والنصرة له، ولمن اتبعه وأوى إليهم من المسلمين‏.‏
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج إلى المدينة، والهجرة إليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار‏.‏

وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏إن الله قد جعل لكم إخواناً وداراً تأمنون بها‏)‏‏)‏، فخرجوا إليها أرسالاً، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة‏.
من أيسر التفاسير:
}أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)}

{يُقَاتَلُونَ} هَذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الجِهَادِ، وَقَدْ نَزلَتْ بَعْدَ خُروجِ النَّبِيِّ عليهِ السَّلامُ وَأَصْحَابِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ. يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ المُشْرِكِينَ قَدْ ظَلَمُوا المُسْلِمينَ فِي مَكَّةَ، وأَخْرَجُوهُم مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرٍ حَقٍّ، وَلا ذَنْبَ لَهُمْ إِلا أَنَّهُمْ آمَنُوا بالله،

 وَقَالُوا: رَبُّنَا اللهُ. وَلِذَلِكَ أَذِنَ اللهُ تَعَالَى للمُسْلِمِينَ فِي قِتَالِ المُشْرِكِينَ، دَفْعً لأَذَاهُم، وإِضْعَافاً لِشَوْكَتِهِم، وتَشْجِيعاً لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الإِسْلامِ عَلَى الالْتِحَاقِ بِالمُسْلِمِينَ لِيَكُونُوا قُوَّةً تُدَافِعُ عَنْ نَفْسِها، وَتُرِهِبُ أعْدَاءَهَا الكفَّارَ، وإِنَّ اللهَ قَادِرٌ وَحْدَهُ عَلَى نَصْرِ المُسْلِمِينَ دُونَ عَوْنٍ مِنْهَمْ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يُريدُ مِنَ المُؤْمِنيِنَ أَنْ يَبْذُلُوا جُهْدَهُم فِي طَاعَةِ رَبِّهِم، وأَن يَقُومُوا بِواجِبِهِم فِي الدِّفَاعِ عَنْ أَنْفِسِهِم وَدِينِه.{

}الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}
{مَّكَّنَّاهُمْ} {الصلاة} {وَآتَوُاْ} {الزكاة} {عَاقِبَةُ}

 (41)- وَيُتَابِعُ اللهُ تَعَالَى وَصْفَ المُءْمِنينَ المَظْلُومِينَ فَيَقُولُ: إِنَّهُمُ الذِينَ إِذَا مَكَنَّ اللهُ لَهُمْ فِي الأَرْضِ، وَحَقَّقَ لَهُمُ النَّصْرَ والغَلَبَةَ، وَجَعَلَ لَهُمُ العَاقِبَة، عَمِلُوا بِأمْرِ اللهِ، وَاجْتَنُبوا مَا نَهَاهُم عَنْهُ، فَأَقَامُوا الصَّلاةَ، وأَدَّوهَا حَقَّ أَدَائِها، وَدَفَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، وَأَمَرُوا بالمعْرُوفِ، وَحَثُّوا النَّاسَ عَلَى فِعْلِ الخَيْرِ وَمَا يُرْضِي الله، وَنَهَوْا المُتَجَاوِزِينَ عَلَى حُدُودِ اللهِ عَنْ فِعْلِ المُنْكَرِ. وَعِنْدَ اللهِ حِسَابُ النَّاسِ جَميعاً فِي نِهَايَةِ المَطَافِ، وَلَهُ عَاقِبَةُ الأُمُورِ، فَيجْزِي كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى عَمَلِهِ.أهـ

أما الباقين من الصحابة في مكة لم يبقى في مكة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي بن أبي طالب  وقلة من المسلمين إما لحبس أو لغيره،

**هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
 علنا من القصص المشهورة في كتب السيرة وعلى ألسنة بعض العلماء، مع أنها لم تثبت من طرق صحيحة، فما هو الصحيح في هجرة عمر بن الخطاب ؟

ومما اشتهر أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أراد أن يهاجر من مكة إلى طيبة الطيبة، تقلّد سيفه ومضى قِبَل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت، ثم أتى المقام فصلى، ثم وقف فقال: "شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يُثكل أُمّه، أو يؤتم ولده، أو ترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي (1)".أسد الغابة

قال الألباني رحمه الله في رده على البوطي
 (بكتابه الدفاع عن الحديث النبوي والسيرة الصحيحة) الذي نقل هذه القصة عن ابن الأثير: "جزمه بأن عمر رضي الله عنه هاجر علانية اعتمادًا منه على رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه المذكورة، وجزمه بأن عليًا رواها ليس صوابًا؛ لأن السند بها إليه لا يصح،
وقد روي البخاري رحمه الله عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:
((أولُ من قدم علينا مصعبُ بنُ عُميرٍ وابنُ أمِّ مكتومٍ، وكانا يقرئان الناسَ، فقدم بلالٌ وسعدٌ وعمار بنُ ياسرٍ، ثم قدم عمرُ بنُ الخطابِ في عشرين من أصحابِ النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثم قدم النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فما رأيتُ أهل َالمدينةِ فرحوا بشيء فرحَهم برسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، حتى جعل الإماءُ يقلْن : قدم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فما قدم حتى قرأتُ : { سَبِّحِ اسْمِ رَبِّكَ الأَعْلَى } . في سورٍ من المفصَّلِ)) .
الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3925-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


قال ابن إسحاق‏:‏ ثم خرج عمر بن الخطاب، وعياش بن أبي ربيعة حتى قدما المدينة‏.‏
فحدثني نافع عن عبد الله بن عمر عن أبيه‏.‏

قال‏:‏ اتعدنا لما أردت الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص؛ التناضب من إضاة بني غفار فوق سرف، وقلنا‏:‏ أينا لم يصبح عندها فقد حبس، فليمض صاحباه، قال‏:‏ فأصبحت أنا وعياش عند التناضب وحبس هشام وفتن فافتتن‏.‏
فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش - وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما - حتى قدما المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فكلماه وقالا له‏:‏ إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرقَّ لها‏.‏
فقلت له‏:‏ إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت‏.‏

قال‏:‏ فقال‏:‏ أبرّ قسم أمي ولي هنالك مال فآخذه‏.‏
قال‏:‏ قلت‏:‏ والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالاً، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما‏.‏
قال‏:‏ فأبى عليّ إلا أن يخرج معهما، فلما أبى إلا ذلك‏.‏
قلت‏:‏ أما إذ فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها، فإن رابك من أمر القوم ريب فانج عليها‏.‏
فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل‏:‏ يا بن أخي والله لقد استغلظت بعيري هذا أفلا تعقبني على ناقتك هذه ‏؟‏
قال‏:‏ بلى‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/211‏)‏‏.‏

فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه رباطاً، ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن‏.‏

قال عمر‏:‏ فكنا نقول‏:‏ لا يقبل الله ممن افتتن توبة‏.‏

وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنزل الله‏:‏ ‏{‏قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 53-55‏]‏‏.‏

قال عمر‏:‏ وكتبتها وبعثت بها إلى هشام بن العاص‏.‏

قال هشام‏:‏ فلما أتتني جعلت أقرأها بذي طوى أصعد بها وأصوب ولا أفهمها حتى قلت‏:‏ اللهم فهمنيها، فألقى الله في قلبي أنها إنما أنزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا، ويقال‏:‏ فينا‏.‏

قال‏:‏ فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة‏.‏

- سيرة ابن هشام- وذكره الشيخ: أكرم ضياء العمري بكتابه السيرة النبوية الصحيحة
قال ابن إسحاق‏:‏ ثم تتابع المهاجرون رضي الله عنهم

هجرة صهيب الرومي

هو صهيب بن سنان بن مالك ويقال: خالد بن عبد عمرو بن عقيل، ويقال: طفيل بن 
عامر بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس بن زيد مناة بن النمر بن قاسط النمري، أبو يحيى وأمه من بني مالك بن عمرو بن تميم، وهو الرومي قيل له ذلك؛ لأن الروم سبوه صغيرًا.

قال ابن سعد: وكان أبوه وعمه على الأبلة من جهة كسرى، وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل، فنشأ صهيب بالروم فصار ألكن، ثم اشتراه رجل من كلب فباعه بمكة، فاشتراه عبد الله بن جدعان التميمي، فأعتقه.

حال صهيب الرومي في الجاهلية:

لقد كان والده حاكم (الأبلة) ووليًّا عليهـا لكسرى، فهو من العرب الذين نزحوا إلى العراق قبل الإسلام بعهد طويل، وله قصـر كبير على شاطئ الفرات، فعاش صهيب طفولة ناعمة سعيدة، إلى أن سبي بهجوم رومي، وقضى طفولته وصدر شبابه في بلاد الروم، وأخذ لسانهم ولهجتهم، وباعه تجار الرقيق أخيرًا لعبد اللـه بن جدعان في مكة وأعجب سيده الجديد بذكائه ونشاطه وإخلاصه..فأعتقه وحرره وأخذ يتاجر معه حتى أصبح لديه المال الكثير.

قصة إسلام صهيب الرومي:
يقول عمار بن ياسر : لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله فيها, فقلت له: ماذا تريد؟ فأجابني: ماذا تريد أنت؟ قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول. قال: وأنا أريد ذلك..

فدخلنا على رسول الله فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا، ونحن مستخفيان فكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً.

عندما هم الرسول بالهجرة، علم صهيب به، وكان من المفروض أن يكون ثالث الرسول وأبي بكر، ولكن أعاقه الكافرون، فسبقه الرسول وأبو بكر، وحين استطاع الانطلاق في الصحراء، أدركه قناصة قريش، فصاح فيهم: "يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجل، وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي، حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا إن شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني"..

فقبل المشركين المال وتركوه قائلين: أتيتنا صعلوكًا فقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك. فدلهم على ماله وانطلق إلى المدينة، فأدرك الرسول في قباء, ولم يكد يراه الرسول حتى ناداه متهللاً: "ربح البيع أبا يحيى.. ربح البيع أبا يحيى", فقال: يا رسول الله، ما سبقني إليك أحدٌ، وما أخبرك إلا جبريل.

فنزل فيه قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207].

لمَّا خرجَ صهَيبٌ مهاجرًا تبِعَه أهلُ مكَّةَ ، فنَثَلَ كِنانتَهُ ، فأخرجَ مِنها أربعينَ سهمًا فقال : لا تصِلونَ إليَّ حتَّى أضعَ في كلِّ رجلٍ منكُم سهمًا ثمَّ أصيرَ بعدَه إلى السَّيفِ فتعلَمونَ 
أنِّي رجلٌ وقد خلَّفتُ بمكَّةَ قَينتَينِ فهُما لكُم قال : وحدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلمةَ عن ثابتٍ عن أنسٍ نحوَه ونزلَت علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ الآيةُ . فلمَّا رآهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ قال : أبا يحيَى رَبِحَ البَيعُ ، قال : وتلا عليهِ الآيةَ .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الوادعي - المصدر: صحيح أسباب النزول - الصفحة أو الرقم: 40
خلاصة حكم المحدث: له طرق أخر أغلبها مراسيل وهي بمجموعها تزيد الحديث قوة وتدل على ثبوته

باب من فضائل سلمان وصهيب وبلال رضي الله تعالى عنهم
قال مسلم في صحيحه :
حدثنا محمد بن حاتم،قال: حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة،عن ثابت ،عن معاوية بن قرة ،عن عائذ بن عمرو :
"أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها قال فقال أبو بكر أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك فأتاهم أبو بكر فقال يا إخوتاه أغضبتكم قالوا لا، يغفر الله لك يا أخي"
تخريج الحديث:صحيح مسلم - فضائل الصحابة (2504) الراوي: عائذ بن عمرو
 مسند أحمد - أول مسند البصريين (5/65)

منقول - بتصرف
البداية والنهاية – موقع قصة الإسلام



ونتابع هجرة حبيبنا محمد صلى الله عيه وسلم......