تأكد قبل أن تنشر....

"من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر"
الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682-خلاصة حكم المحدث: صحيح

الأربعاء، 11 مارس 2015

موقفنا من اختلاف العلماء

 موقفنا من اختلاف العلماء


إذا كانت هناك مسألة ما ، وفيها أكثر من فتوى شرعية ، فتوى تقول بالتحليل ، وفتوى تقول بالتحريم ، وفتوى ما بين بين ، فالمسلم أي شيء يختار ، وخاصة في الأمور المستحدثة ، والتي يدخل فيها القياس ، والاجتهاد ، والتي لا نص فيها ، مثل : فوائد البنوك ، أو أياً كانت المسميات التي يسمونها ، بالاستمثار ، أو العائد الاستثماري .
وما موقف ما يقول إنها فتوى عالم ، وهو المسؤول عنها ، وإنها معلقة في رقبته ؟
وما موقف من يتتبع رخص العلماء ، وتسهيلات العلماء ورخصهم ؟ ويقولون إنهم هم هؤلاء أهل العلم والذكر وهذه فتواهم وهم أعلم منا بذلك ، وقد تكون فتواهم معارضة لفتوى شيوخ وعلماء آخرين في نفس الدولة أو في دول أخرى ، فأي منهم نتبع ؟ وكيف لنا السبيل أن نعرف الصحيح وغير الصحيح ؟ مع العلم أن عامة الناس ليس لديهم العلم الكافي للحكم على صحة هذه الفتوى التي تصدر من عالم أو مفتي ويعارضها علماء آخرون .
الحمد لله 
قبل الجواب على هذا السؤال الهام ، لا بد أولاً من بيان الشروط التي يجب أن تتوفر في المفتي حتى يكون من أهل العلم الذين تعتبر أقوالهم ، ويعد خلافه خلافا بين العلماء ، وهي شروط كثيرة ، ترجع في النهاية إلى شرطين اثنين وهما :
1.    العلم . لأن المفتي سوف يخبر عن حكم الله تعالى ، ولا يمكن أن يخبر عن حكم الله وهو جاهل به .
2.  العدالة . بأن يكون مستقيما في أحواله ، ورعا عفيفا عن كل ما يخدش الأمانة . وأجمع العلماء على أن الفاسق لا تقبل منه الفتوى ، ولو كان من أهل العلم . كما صرح بذلك الخطيب البغدادي .
فمن توفر فيه هذان الشرطان فهو العالم الذي يعتبر قوله ، وأما من لم يتوفر فيه هذان الشرطان فليس هو من أهل العلم الذين تعتبر أقوالهم ، فلا عبرة بقول من عُرف بالجهل أو بعدم العدالة .
الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه للشيخ ابن عثيمين ص: 23 .
فما هو موقف المسلم من اختلاف العلماء الذين سبقت صفتهم ؟
إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة ، والترجيح بينها ، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك ، لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة ، فقال : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) النساء/59. فيرد المسائل المختلف فيها للكتاب والسنة ، فما ظهر له رجحانه بالدليل أخذ به ، لأن الواجب هو اتباع الدليل ، وأقوال العلماء يستعان بها على فهم الأدلة . 
وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء ، فهذا عليه أن يسأل أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بما يفتونه به ، قال الله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) الأنبياء/43 . وقد نص العلماء على أن مذهب العامي مذهب مفتيه .
فإذا اختلفت أقوالهم فإنه يتبع منهم الأوثق والأعلم ، وهذا كما أن الإنسان إذا أصيب بمرض – عافانا الله جميعا – فإنه يبحث عن أوثق الأطباء وأعلمهم ويذهب إليه لأنه يكون أقرب إلى الصواب من غيره ، فأمور الدين أولى بالاحتياط من أمور الدنيا .
ولا يجوز للمسلم أن يأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل ، ولا أن يستفتي من يرى أنهم يتساهلون في الفتوى .
بل عليه أن يحتاط لدينه فيسأل من أهل العلم من هو أكثر علماً ، وأشد خشية لله تعالى .
الخلاف بين العلماء للشيخ ابن عثيمين 26 . لقاء منوع من الشيخ صالح الفوزان ص: 25، 26 .
وهل يليق – يا أخي - بالعاقل أن يحتاط لبدنه ويذهب إلى أمهر الأطباء مهما كان بعيدا ، وينفق على ذلك الكثير من الأموال ، ثم يتهاون في أمر دينه ؟! ولا يكون له هَمٌّ إلا أن يتبع هواه ويأخذ بأسهل فتوى ولو خالفت الحق ؟! بل إن من الناس – والعياذ بالله – من يسأل عالماً ، فإذا لم توافق فتواه هواه سأل آخر ، وهكذا حتى يصل إلى شخص يفتيه بما يهوى وما يريد ‍‍!!
وما من عالم من العلماء إلا وله مسائل اجتهد فيها ولم يوفق إلى معرفة الصواب ، وهو في ذلك معذور وله أجر على اجتهاده ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ) البخاري (7352) ومسلم (1716) .
فلا يجوز لمسلم أن يتتبع زلات العلماء وأخطاءهم ، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله ، ولهذا قال العلماء : من تتبع ما اختلف فيه العلماء ، وأخذ بالرخص من أقاويلهم ، تزندق ، أو كاد .اهـ . إغاثة اللهفان 1/228 . والزندقة هي النفاق .
نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ، ويوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح .
وأما ما ذكرته من فوائد البنوك فقد سبق الجواب عنها ، فنرجو مراجعة الأسئلة (181)، (12823).
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

الأحد، 8 مارس 2015

58- النصر المؤزر للمسلمين


58- النصر المؤزر للمسلمين
     
الفوائد من كتاب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين:
الفائدة الأولى: وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرٌ لكم، لأن الصحابة لما خرجوا كان خرجوا كارهين للقتال لأنهم كانوا قلة.

الفائدة الثانية: قوة الإيمان وهي السلاح البتار، لأن الصحابة ما قاتلوا إلا بسلاح الإيمان.

الفائدة الثالثة: قوة الترابط بين المؤمنين.

الفائدة الرابعة: الثبات وذكر الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [الأنفال: 45].

الفائدة الخامسة: الشورى بين القائد وبين الجند. جاءت من أين؟ الحباب بن المنذر يا رسول الله أمنزل أنزلك الله أم هي الحرب والمكيدة.

الفائدة السادسة: استكشاف قوة الأعداء.

الفائدة السابعة: المسلم الصادق موصولا بالسماء.

الفائدة الثامنة: من يحارب الإسلام يحاربه الله.

الفائدة التاسعة: خطبة النبي صلى الله عليه وسلم ترسم النصر.

الفائدة العاشرة: مروءة ووفاء.

الفائدة الحادية عشر: أخوة الإيمان أعلى من أخوة النسب. من قتل الصحابة للمشركين  ذوي القربى
الفائدة الثانية عشر: سيف عكاشة والمعجزة.عكاشة كان صحابي كان يقاتل فانكسر سيفه فأعطاه النبي
جذع فإذا به سيف بتار.

الحديث: عنِ ابنِ إسحاقَ قالَ: (عُكَّاشةُ الَّذي قاتلَ بسيفِهِ يومَ بدرٍ حتَّى انقطعَ في يدِهِ، فأتى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم فأعطاهُ جذلًا من حطبٍ فقالَ: قاتل بِهذا. فلمَّا أخذَهُ هزَّهُ فعادَ سيفًا في يدِهِ طويلَ القامةِ شديدَ المتنِ أبيضَ الحديدَ، فقاتلَ بِهِ حتَّى فتحَ اللَّهُ على رسولِهِ ثمَّ لم يزل عندَهُ يشْهدُ بِهِ المشاهدَ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ حتَّى قُتلَ في قتالِ أَهلِ الرِّدةِ وَهوَ عندَهُ. وَكانَ ذلِكَ السَّيفُ يسمَّى العونَ)
الراوي : ابن إسحاق المحدث : الذهبي
المصدر : تاريخ الإسلام الصفحة أو الرقم: 2/100 خلاصة حكم المحدث : ذكره ابن إسحاق بلا سند-( وهو من سيرة ابن هشام لنتعرف على تخريج الحاديث)

الفائدة الثالثة عشر: حقيقة النصر من الله تعالى.

الرابعة عشر: يوم الفرقان.

الفائدة الخامسة عشر: الولاء والبراء من الإيمان.
الفائدة السادسة عشر: ظهور المعجزات في بدر.

الفائدة السابعة عشر: حكم الاستعانة بالمشرك.

الفائدة الثامنة عشر: النصر مع الصبر.

الفائدة التاسعة عشر: سر الانتصار.

الفائدة الواحدة وعشرون: نصر الله سنة ماضية.

الفائدة الثانية وعشرون: النصر ثمرة الإخلاص.

الفائدة الثالثة وعشرون: توحد القيادة مع الشعب.

الفائدة الرابعة وعشرون: لا عذر في القعود.

الفائدة الخامسة وعشرون: الدعاء ومقاطعة العدو.

الفائدة السادسة وعشرون: الرضي بقضاء الله وقدره.

الفائدة السابعة وعشرون: الاستشارة من أسباب النصر

الفائدة الثامنة وعشرون: علو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم.

الفائدة التاسعة وعشرون: وجوب الحذر من الأعداء.
الفائدة الثلاثون: النصر من الله.
الواحدة والثلاثون: الطاعة والدعاء من أسباب النصر.
الفائدة الثانية والثلاثون: ولا تنازعوا فتفشلوا.
الفائدة الثانية والثلاثون: علو منزلة أهل بدر.
ويدل على هذا ماحدث مع حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وإرساله لقريش نية فتح النبي صلى الله عليه وسلم لمكة:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
 (بعثني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبا مرثدٍ الغنَوي والزبيرَ بنَ العوامِ، وكلُّنا فارسٌ، قال : ( انطلِقوا حتى تأتو روضةَ خاخٍ، فإنَّ بها امرأةً من المشركِين، معها كتابٌ من حاطبِ بن أبي بلتعةَ إلى المشركين ) . فأدركناها تسيرُ على بعيرٍ لها حيث قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقلنا : الكتابَ، فقالتْ : ما معنا كتابٌ، فأنخناها فالتمسْنا فلم نر كتابًا، فقلنا : ما كذب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، لتُخرجِنَّ الكتابَ أو لنجرِّدنَّكِ، فلما رأتِ الجدَّ أهوتْ إلى حجزتِها، وهي محتجزةٌ بكساءٍ، فأخرجتُه، فانطلقنا بها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال عمرُ : يا رسولَ اللهِ، قد خان اللهَ ورسولَه والمؤمنين، فدعْني فلْأضربْ عنقَه . فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( ما حملك على ما صنعتَ ) . قال حاطبٌ : واللهِ ما بي أن لا أكون مؤمنًا باللهِ ورسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أردتُ أن يكون لي عند القومِ يدٌ يدفع اللهُ بها عن أهلي ومالي، وليس أحدٌ من أصحابِك إلا له هناك من عشيرتِه من يدفعُ اللهُ به عن أهله وماله . فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( صدق، ولا تقولوا له إلا خيرًا ) . فقال عمرُ إنه قد خان اللهَ ورسولَه والمؤمنين، فدعْني فلْأضربْ عنقَه . فقال : ( أليس من أهل بدرٍ ؟ فقال : لعل اللهَ اطلع إلى أهل بدرٍ فقال : اعملوا ما شئتُم، فقد وجبتْ لكم الجنةُ، أو فقد غفرتُ لكم ) . فدمعت عينا عمرَ، وقال : اللهُ ورسولُه أعلمُ) .
الراوي : علي بن أبي طالب المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3983 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الفائدة الثالثة والثلاثون: الإسلام والأسرى.
الفائدة الرابعة والثلاثون: الإسلام يدعو إلى العلم.
الفائدة الخامسة والثلاثون: الشيطان يخذل أتباعه. ذكرناها حين فر من وعده للمشركين حين رأى جبريل عليه السلام والملائكة مويدين للمسلمين
الفائدة السادسة والثلاثون: الأسوة الحسنة.
الفائدة السابعة والثلاثون: الكتمان وأهميته.
الفائدة الثامنة والثلاثون: بناء عريش القيادة.
الفائدة التاسعة والثلاثون: من نعم الله على المسلمين قبل القتال.
الفائدة الأربعون: الخطة المحكمة للنبي r.
الفائدة الواحدة والأربعون: الاستفادة من الظروف الطبيعية.
الفائدة الثانية والأربعون: ما وقع لسواد بن غزية من الكرامة. بل عن حبهم للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- (وكأنهم يرون الجنة) ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عدَّلَ صفوفَ أصحابِه يومَ بدرٍ وفي يدِه قدحٌ يعدِّلُ به القومَ فمرَّ بسوادِ بنِ غَزيَّةَ حليفَ بني عدي بنِ النَّجارِ وهو مُسْتنتِلٌ من الصفِّ فطعن في بطنِه بالقدحِ وقال استوِ يا سوادُ فقال يا رسولَ اللهِ أوجَعْتَني وقد بعثك اللهُ بالحقِّ والعدلِ فأقِدْني قال فكشف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن بطنِه وقال استقِدْ قال فاعتنقَه فقبَّل بطنَه فقال ما حملكَ على هذا يا سوادُ قال يا رسولَ اللهِ حضَر ما ترى فأردتُ أن يكون آخرُ العهدِ بك أن يمَسَّ جلدي جلدَك فدعا له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بخيرٍ وقال له استوِ يا سوادُ)

الراوي: أشياخ من قوم حبان بن واسع المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 6/808-خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن إن شاء الله تعالى

، ودخل سواد بن غزية وقتل في هذه المعركة رضي الله عنه وأرضاه.

الفائدة الثالثة والأربعون: التعبئة المعنوية.
الفائدة الرابعة والأربعون: العمل والأخذ بالأسباب.
الفائدة الخامسة والأربعون: نهاية الطغاة.
الفائدة السادسة والأربعون: أنها جنان ورؤية الصحابة لها كأنها رؤية عين :
بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسيسةً ، عينًا ينظرُ ما صنعَتْ عِيرُ أبي سفيانَ . فجاء وما في البيتِ أحَدٌ غيري وغيرُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( قال : لا أدري ما استثنى بعضَ نسائِه ) قال : فحدَّثه الحديث . قال : فخرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فتكلَّمَ . فقال ( إنَّ لنا طُلْبةً . فمن كان ظهرُه حاضرًا فليركبْ معنا ) فجعل رجالٌ يستأذِنونه في ظهرانِهم في علوِّ المدينةِ . فقال ( لا . إلا من كان ظهرُه حاضرًا ) فانطلق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابُه . حتى سبقوا المشركين إلى بدرٍ . وجاء المشركون . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( لا يقَدَّمنَّ أحدٌ منكم إلى شيءٍ حتى أكون أنا دونه ) فدنا المشركون . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( قوموا إلى جنةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ ) قال : يقول عُمَيرُ بنُ الحِمامِ الأنصاريُّ : يا رسولَ اللهِ ! جنةٌ عرضُها السماواتُ والأرضُ ؟ قال ( نعم ) قال : بخٍ بخٍ . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( ما يحملك على قولِك بخٍ بخٍ ) قال : لا . واللهِ ! يا رسولَ اللهِ ! إلاَّ رجاءةَ أن أكون من أهلِها . قال ( فإنك من أهلِها ) فأخرج تمراتٍ من قرنِه . فجعل يأكل منهنَّ . ثم قال : لئن أنا حَييتُ حتى آكلَ تمراتي هذه ، إنها لحياةٌ طويلةٌ . قال فرمى بما كان معه من التمرِ . ثم قاتل حتى قُتِلِ) .
الراوي : أنس بن مالك المحدث : مسلم
المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1901 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الفائدة السابعة والأربعون: الشوق إلى الآخرة.
الفائدة الثامنة والأربعون: تنافس على الجنة.
الفائدة التاسعة والأربعون: محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم بعد هزيمة قريش:
 (لمَّا رجع وفدُ المشركينَ إلى مكةَ أقبل عُميرُ بنُ وهبٍ الجُمَحِيُّ حتَّى جلس إلى صفوانَ بنِ أميةَ في الحجرِ ، فقال صفوانُ : قبُح العيشُ بعد قتلَى بدرٍ ، قال : أجلْ واللهِ ما في العيشِ خيرٌ بعدَهم ولولا دينٌ عليَّ لا أجدُ له قضاءً وعيالٌ لا أدعُ لهم شيئًا لرحلتُ إلى محمدٍ فقتلتُهُ إنْ ملأتُ عيني منه ، إنَّ لي عنده علةٌ أعتلُّ بها أقولُ : قدمتُ على ابني هذا الأسيرِ ، ففرِح صفوانُ بقولهِ وقال : عليَّ دَينُك وعيالُكَ أسوةُ عيالي في النفقةِ لا يسعُني شيءٌ ويعجزُ عنهم ، فحملَهُ صفوانُ وجهزَهُ وأمر بسيفِ عميرٍ فصُقِلَ وسُمَّ وقال عميرٌ لصفوانَ : اكتُمني أيامًا ، فأقبل عميرٌ حتَّى قدِمَ المدينةَ فنزل ببابِ المسجدِ وعقل راحلتَهُ وأخذ السيفَ فعمدَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فدخل هو وعمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم لعمرَ : تأخَّر ثمَّ قال : ما أقدمكَ يا عميرُ ؟ قال : قدمتُ على أسيري عندكم ، قال : اصدُقْني ما أقدمكَ ؟ قال : ما قدمتُ إلَّا في أسيري ، قال : فماذا شرطتَ لصفوانَ بنِ أميَّةَ في الحِجرِ ؟ ففزِعَ عميرٌ وقال : ماذا شرطتَ له ؟ قال : تحملتُ له بقتلي على أنْ يعولَ بنيكَ ويقضي دينَكَ ، واللهُ حائلٌ بينكَ وبين ذلك ، قال عمَيرٌ : أشهدُ أنكَ رسولُ اللهِ ، إنَّ هذا الحديثَ كان بيني وبين صفوانَ في الحجرِ لم يطَّلعْ عليه أحدٌ غيري وغيرُه فأخبركَ اللهُ به فآمنتُ باللهِ ورسولِه ، ثمَّ رجع إلى مكةَ فدعا إلى الإسلامِ فأسلمَ على يدهِ بشرٌ كثيرٌ)
الراوي : أنس بن مالك المحدث : السيوطي
المصدر : الخصائص الكبرى الصفحة أو الرقم: 1/208 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الفائدة الخمسون: الإمداد من الله بالملائكة.
الفائدة الواحدة والخمسون: مخاطبة أهل القليب.
جواز قتل الأسير قبل وصوله للقائد:
 أمية بن خلف أسره عبدالرحمن بن عوف.
- و قتله نفر من الأنصار و معهم بلال بن رباح على رغم أن عبدالرحمن بن عوف حاول منعهم.
العاص بن هشام بن مغيرة
- خال عمر بن خطاب – رضي الله عنه – لذلك حرص عمر – رضي الله عنه – على قتله حتى يعلم أن ليس في قلبه ولاء إلا لله وحده.
عبيدة بن الجراح : قتل والده لأنه كان حريص على قتله ونزلت آية سورة المجادلة:
((لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ

حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)

من كتاب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين بتصرف

لذلك سميت يوم الفرقان
كانت هذه المعركة معركة بين الكفر والإيمان، قاتل فيها الرجل عمه وأباه، وابنه وأخاه،
وخاله وأدناه، قتل فيها عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- خاله العاص بن هشام، وواجه فيها أبو بكر ابنه عبد الرحمن، وأسر فيها المسلمون العباس، وهو عم رسول الله -- وهكذا انقطعت فيها صلة القرابة، وأعلى الله فيها كلمة الإيمان على كلمة الكفر، وفرق بين الحق والباطل، فسمي ذلك اليوم بيوم الفرقان، وهو يوم بدر، اليوم السابع عشر من شهر رمضان .
قتلى الفريقين :
قتل في هذه المعركة أربعة عشر رجلاً من المسلمين ، ستة من المهاجرين ، وثمانية من الأنصار ، ودفنوا في ساحة بدر ومقابرهم لا تزال معروفة .
أما المشركون فقتل منهم سبعون ، وأسر سبعون ، ومعظمهم كانوا من الصناديد ، وقد سحبت أربع وعشرين من صناديدهم وقذفت في قليب – بئر- خبيث في بدر .
وأقام رسول الله في بدر ثلاثة أيام ، فلما استعد للرجوع جاء القليب وقام على شفته ، وناداهم بأسمائهم وأسماء آبائهم كما مر معنا،
خبر المعكرة في مكة والمدينة :
وصل نبأ الهزيمة إلى مكة بفلول المشركين، فكبتهم الله وأخزاهم، حتى نهوا عن النياحة على القتلى، كيلا يشمت بهم المسلمون.
                  
أما أهل المدينة فقد أرسل أليهم رسول الله بشيرين: عبدالله بن رواحة إلى العالية، وزيد بن حارثة إلى السافلة. وكان اليهود قد أرجفوا في المدينة بدعيات كاذبة، فلما وصل نبأ الفتح عمت الفرحة والسرور، واهتزت المدينة تهليلاً وتكبيراً، وتقدم رؤوس المسلمين إلى طريق بدر يهنئون رسول الله صلى الله عليه وسلم- .

الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة :
وتقدم الرسول -- إلى المدينة متوجاً بنصر الله، ومعه الغنائم والساري ، فلما وصل قريباً من الصفراء نزل حكم الغنيمة، فأخذ منها الخمس، وقسمها سوياً بين الغزاة. فلما حل بالصفراء أمر بقتل النضر بن الحارث ، فضرب عنقه علي بن أبي طالب. ولما حل بعرق الظبية أمر بقتل عقبة بن أبي معيط، فقتله عاصم بن ثابت الأنصاري، وقيل : علي بن أبي طالب .
أما رؤوس المسلمين الذين خرجوا لتهنئيه فلقوه -- بالروحاء ثم رافقوه يشيعونه إلى المدينة، فدخل فيها مظفراً منصوراً قد خافه كل عدو. وأسلم بشر كثير وتظاهر عبد الله  بن أبي وزملاؤه بالإسلام.
قضية الأسارى :
ولما استقر رسول الله -  - استشار في الأسارى. فأشار أبو بكر بأخذ الفدية منهم ، وأشار عمر بقتلهم ، فقرر رسول الله -  - أخذ الفدية، وكانت من أربعة آلاف إلى ثلاث آلاف درهم . ومن كان منهم يقرأ ويكتب فجعل فديته أن يعلم عشرة غلمان من المسلمين، وأحسن إلى بعض الأسارى فأطلقهم بغير فدية .
وبعثت زينب بنت رسول الله -- في فداء زوجها أبي العاص بمال فيه قلادة لها، كانت عند خديجة فأدخلتها بها على أبي العاص، فلما رآها رسول الله -- رق لها رقة شديدة، فاستأذن الصحابة في إطلاقه بغير فدية ، ففعلوا. فأطلقه بعد ان اشترط عليه أن يخلي سبيل زينب، فخلاها فهاجرت إلى المدينة.
وفاة ابنته -- رقية وزواج ابنته أم كلثوم بعثمان:
وكانت رقية بنت النبي -- مريضة حين خرج لغزوة بدر، وكانت تحت عثمان بن عفان -- فأمره أن يتخلف عليها ليمرضها، وله أجر من حضر بدراً ونصيبه، وخلف عليها أيضاً أسامة بن زيد، فتوفيت قبل رجوعه -- ، قال أسامة: أتانا الخبر – أي بشارة الفتح – حين سوينا التراب على رقية بنت رسول الله –
الحديث : عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: ( فأتانا الخبرُ حين سَوَّيْنا الترابَ على رُقَيَّةَ بنتِ رسولِ اللهِ ، وكان زوجُها عثمانُ بنُ عَفَّانَ قد احتَبَس عندها يُمَرِّضُها بأمرِه ، وضرب رسولُ اللهِ له بسَهْمِه وأجرِه في بدرٍ) .

الراوي : أسامة بن زيد المحدث : الألباني
المصدر : فقه السيرة الصفحة أو الرقم: 233 خلاصة حكم المحدث : صحيح
ولما استقر رسول الله -- بالمدينة واطمأن بها، زوج عثمان بن عفان -- ابنته الأخرى: أم كلثوم. فلذلك سمي عثمان -- بذي النورين، وقد بقيت معه حتى توفيت في شعبان سنة تسع من الهجرة، ودفنت بالبقيع .
ساء المشركين ومن معهم ما أكرم الله به المسلمين من النصر والفتح، فأخذوا يدبرون مكائد يضرون بها المسلمين، وينتقمون منهم، ولكن الله رد كيدهم في نحورهم وأيد المؤمنين بفضله .
تحشد بنو سليم لغزو المدينة بعد أسبوع من رجوع المسلمين من غزوة بدر، أو في المحرم سنة 3هـ . فداهمهم المسلمون في منازلهم، وأصابوا غنائم، ورجعوا إلى المدينة سالمين. ثم تآمر عمير بن وهب الجمحي وصفوان بن أمية على اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء عمير لذلك إلى المدينة، فألقى عليه القبض وأخبره النبي -- بما تآمر عليه فأسلم .

الحديث:
2 – ((لمَّا رجع وفدُ المشركينَ إلى مكةَ أقبل عُميرُ بنُ وهبٍ الجُمَحِيُّ حتَّى جلس إلى صفوانَ بنِ أميةَ في الحجرِ ، فقال صفوانُ : قبُح العيشُ بعد قتلَى بدرٍ ، قال : أجلْ واللهِ ما في العيشِ خيرٌ بعدَهم ولولا دينٌ عليَّ لا أجدُ له قضاءً وعيالٌ لا أدعُ لهم شيئًا لرحلتُ إلى محمدٍ فقتلتُهُ إنْ ملأتُ عيني منه ، إنَّ لي عنده علةٌ أعتلُّ بها أقولُ : قدمتُ على ابني هذا الأسيرِ ، ففرِح صفوانُ بقولهِ وقال : عليَّ دَينُك وعيالُكَ أسوةُ عيالي في النفقةِ لا يسعُني شيءٌ ويعجزُ عنهم ، فحملَهُ صفوانُ وجهزَهُ وأمر بسيفِ عميرٍ فصُقِلَ وسُمَّ وقال عميرٌ لصفوانَ : اكتُمني أيامًا ، فأقبل عميرٌ حتَّى قدِمَ المدينةَ فنزل ببابِ المسجدِ وعقل راحلتَهُ وأخذ السيفَ فعمدَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فدخل هو وعمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم لعمرَ : تأخَّر ثمَّ قال : ما أقدمكَ يا عميرُ ؟ قال : قدمتُ على أسيري عندكم ، قال : اصدُقْني ما أقدمكَ ؟ قال : ما قدمتُ إلَّا في أسيري ، قال : فماذا شرطتَ لصفوانَ بنِ أميَّةَ في الحِجرِ ؟ ففزِعَ عميرٌ وقال : ماذا شرطتَ له ؟ قال : تحملتُ له بقتلي على أنْ يعولَ بنيكَ ويقضي دينَكَ ، واللهُ حائلٌ بينكَ وبين ذلك ، قال عمَيرٌ : أشهدُ أنكَ رسولُ اللهِ ، إنَّ هذا الحديثَ كان بيني وبين صفوانَ في الحجرِ لم يطَّلعْ عليه أحدٌ غيري وغيرُه فأخبركَ اللهُ به فآمنتُ باللهِ ورسولِه ، ثمَّ رجع إلى مكةَ فدعا إلى الإسلامِ فأسلمَ على يدهِ بشرٌ كثيرٌ))
الراوي : أنس بن مالك المحدث : السيوطي
المصدر : الخصائص الكبرى الصفحة أو الرقم: 1/208 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح


من كتاب روضة الأنوار في سيرة النبي المختار- بتصرف يسير

تأليف فضيلة الشيخ: صفي الرحمن المباركوري

الأحد، 1 مارس 2015

57-المعجزات والدروس من غزوة بدر

57-المعجزات والكرامات في غزوة بدر


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

فلقد كانت غزوة بدر من معارك الإسلام الفاصلة، وقد تجلَّت فيها الكثير من المعجزات والكرامات العظيمة، فمن ذلك:

أولاً: سماع المشركين كلام النبي صلى اللهُ عليه وسلم وخطابه وهم أموات في القليب، 

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي طلحة رضي اللهُ عنه: "أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ[1] بَدْرٍ، خَبِيثٍ مُخْبِثٍ،

 وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ[2]،

 فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، يَا فُلاَنُ ابْنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ: "أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟" قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ"،

 قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا"[3].

ثانياً: تحديد مصارع القوم: روى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي اللهُ عنه قال: 

(كان عمر يحدثنا عن أهل بدر فقال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم كَانَ يُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ بِالْأَمْسِ، يَقُولُ: " هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَؤُوا الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم، قَالَ: فَجُعِلُوا فِي بِئْرٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ"[4].مسلم

ثالثاً: نزول المطر عليهم بالقدر الذي يحتاجونه من غير زيادة ولا نقصان: 

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث علي رضي اللهُ عنه وهو يحدث عن ليلة بدر: "أَصَابَنَا مِنَ اللَّيْلِ طَشٌّ مِنْ مَطَرٍ، فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ - أي الترس - نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنَ الْمَطَرِ، وَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَدْعُو رَبَّهُ"[5].


قال ابن القيم رحمه الله:
 
"أنزل الله عزَّ وجلَّ في تلك الليلة مطراً واحداً، فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طلاً طهرهم به وأذهب عنهم رجس الشيطان، ووطأ به الأرض، وصلب الرمل، وثبت الأقدام، ومهد به المنزل"[6].

قال الشيخ محمد رشيد رضا:
"لولا هذا المطر لما أمكن المسلمين القتال؛ لأنهم كانوا رجالة ليس فيهم إلا فارس واحد هو المقداد - كما تقدَّم - وكانت الأرض دهاساً تسيخ فيها الأقدام أو لا تثبت عليها"[7].

رابعاً: استجابة الله لدعاء نبيه على من كان يؤذيه بمكة من كفار قريش حتى قتلوا مع إخوانهم الكفرة ببدر: 

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله رضي اللهُ عنه قال: 

"بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ،

 إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِي، أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلَانٍ فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا[8] وَدَمِهَا وَسَلَاهَا[9] فَيَجِيءُ بِهِ ثُمَّ يُمْهِلُهُ، حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ؟

 فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم سَاجِدًا، فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنَ الضَّحِكِ،

 فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ رضي اللهُ عنها وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ، وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم الصَّلَاةَ 

قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ"، ثُمَّ سَمَّى:

 "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ ابْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ ابْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ".

 قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: "وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً"[10].


خامساً: إعانة بعض المسلمين بالملائكة على أسر العدو:

  روى الإمام أحمد في مسنده من حديث علي رضي اللهُ عنه وفيه: 

"فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَصِيرٌ بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسِيرًا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ مَا أَسَرَنِي، لَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ[11] مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا، عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ[12] مَا أُرَاهُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: اسْكُتْ، فَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَلَكٍ كَرِيمٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: فَأَسَرْنَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْعَبَّاسَ وعَقِيلًا وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ"[13].

وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال يوم بدر: "هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ"[14]. وفي رواية: "عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ"[15] [16].

الثنايا: إحدى الأسنان الأربع التي في مقدمة الفم
النقع: الغبار.


سادساً: إنزال النعاس عليهم: 

قال تعالى ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ ﴾ [الأنفال: 11]. 

روى أبو يعلى في مسنده من حديث أبي طلحة رضي اللهُ عنه قال: "لَقَدْ سَقَطَ السَّيْفُ مِنِّي يَوْمَ بَدْرٍ لِمَا غَشِيَنَا مِنَ النُّعَاسِ. يقول الله تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ ﴾ [الأنفال: 11]"[17].
وقال محققه حسين سليم أسد إسناده صحيح-( لم أجده)


قال ابن كثير:
"يذكرهم الله تعالى بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم أماناً أمَّنهم به من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عدوهم، وقلة عددهم... إلخ" [18].



سابعاً: أن الله تعالى أراهم العدو أقل مما هم عليه: 

لتقوى قلوبهم على حربهم، ويشجعهم على مواجهتهم، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الاُمُور ﴾ [الأنفال: 44].



قال ابن جرير:
"إذ يُري الله نبيه في منامه المشركين قليلاً، وإذ يريهم الله المؤمنين إذ لقوهم في أعينهم قليلاً، وهم كثير عددهم، ويقلل المؤمنين في أعينهم ليتركوا الاستعداد لهم، فتهون على المؤمنين شوكتهم"[19].



ثامناً: اختصاص أبي بكر وعلي بكرامة من الله:

 روى الإمام أحمد في مسنده من حديث علي رضي اللهُ عنه قال:

 "قِيلَ لِعَلِيٍّ وَلِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ: مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ، أَوْ قَالَ: يَشْهَدُ الصَّفَّ" [20] [21].

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] الأطواء: جمع طوي وهو البئر التي طويت وبُنيت بالحجارة، لتثبت ولا تنهار، فتح الباري (7/302).

[2] أي طرف البئر، الفتح (7/302).

[3] برقم 3979 وصحيح مسلم برقم 2875.

[4] برقم 2873.

[5] (2/260) برقم 948 وقال محققوه إسناده صحيح.

[6] زاد المعاد (3/175).

[7] تفسير المنار (9/509-510).

[8] الفرث: بقايا الطعام في الكرش، انظر المعجم الوسيط (2/678).

[9] السلى: الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفاً فيه، وقيل هو في الماشية السلى، وفي الناس المشيمة. النهاية في غريب الحديث (2/396).

[10] البخاري برقم 520 وصحيح مسلم برقم 1794.

[11] قال في النهاية (1/284) الأجلح من الناس: الذي انحشر الشعر عن جانبي رأسه.

[12] أبلق: وهو ما كان فيه سواد وبياض. المعجم الوسيط (1/70).

[13] (2/260-261) برقم 948، وقال محققوه إسناده صحيح، وقال الشيخ أحمد شاكر في تخريجه للمسند (2/194) إسناده صحيح.

[14] برقم 3995.

[15] الثنايا: إحدى الأسنان الأربع التي في مقدمة الفم، ثنتان من فوق، وثنتان من تحت. المعجم الوسيط (1/102).

[16] النقع: الغبار. النهاية في غريب الحديث (5/109).

[17] (3/19) برقم 428 وقال محققه حسين سليم أسد إسناده صحيح.

[18] تفسير ابن كثير (2/291).

[19] تفسير ابن جرير (6/259).

[20] (2/411) برقم 1257 وقال محققوه إسناده صحيح على شرط مسلم.
الراوي : علي بن أبي طالب المحدث : الهيثمي
المصدر : مجمع الزوائد الصفحة أو الرقم: 9/61 خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح


[21] انظر: كتاب حدث غير مجرى التاريخ للمؤلف ص57-64.